2015/04/28

حمان الاطلسي// مناجم عوام الربح الوفير والاستغلال البشع

تقع منطقة عوام في قلب الأطلس المتوسط، جماعة الحمام بإقليم خنيفرة، قرب مريرت. وقد اشتهرت بثرواتها المعدنية وبجمالها الطبيعي الساحر. ويعتمد أغلب سكانها على الفلاحة والعمل بالمناجم.
 
ارتبط اسم عوام منذ الاستعمار المباشر خلال ثلاثينيات القرن الماضي بالمناجم التي تزخر بثروات معدنية هامة وهائلة (الرصاص، الفضة، الزنك والذهب). وتتفرق هذه المناجم عبر مواقع مختلفة، أهمها عوام سينيال واغرم اوسار وسيدي حمد احمد التي تقع غالبيتها على الأراضي السلالية لثلاث قبائل أساسية؛ هي ارشكيكن وأيت سدي حمد أحمد وأيت سيدي حمد أوبراهيم؛ تستغلها الشركة المنجمية لتويست مقابل فتات الفتات وبتواطؤ من المسؤولين عن الأراضي السلالية. 
سنخصص لهذا الموضوع جانبا من النقاش في فرصة أخرى. 
- الشركة المنجمية لتويسيت عنوان الجشع والاستغلال: يتداول العمال وبشكل واضح أن أرباح أرباب عملهم تجاوزت هذه السنة 360 مليون درهم، ومقابل هذا الرقم الهائل لم تتجاوز منحة العامل السنوية سوى 700 درهم للمرسم و10 ساعات لغير المرسم. طبعا، هذا الكم من الأرباح لن تحصل عليه الباطرونا إلا بمضاعفة الاستغلال البشع للعمال جسديا ونفسيا، خاصة العامل غير المرسم عامل المقاولة المناولة. 
لماذا المقاولات المناولة؟ 
- تعتمد أغلب الشركات الرأسمالية على المقاولات المناولة لمضاعفة استغلال اليد العاملة وفي نفس الوقت للتملص من المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه العمال، وهو أسلوب أصبح شائعا حتى في القطاعات العمومية (شركات الأمن والبستنة). تعتبر الشركة المنجمية لتويسيت الشركة الأم، صاحبة رخصة استغلال مناجم مريرت، وهي في عمليتها الاستغلالية هذه تعتمد بالأساس على مقاولات الباطن لاستنزاف أمثل بمنظور برجوازي لقوة العمل وتفكيك صف العمال وخلق الفرقة في الجسد العمالي الواحد، حيث يراد للعامل أن يشعر أنه تابع لهذه المقاولة والآخر لمقاولة أخرى. وهما في حقيقة الأمر يستغلان من نفس الشركة. ومن أهم المقاولات التي تسخرها الشركة لهذا الغرض نجد وتيكترا الى جانب مقاولات الصيانة، والثابت أن الشركة لا تفرق بين مرسمCold mine وغير مرسم في الإنتاج الشاق. ففي هذه الحالة لا يشعر العامل بالفرق إلا حين يقوم بتجديد عقد العمل كل ثلاثة أشهر دون أن يضطلع بمقتضيات العقد في أغلب الحالات. العامل غير المرسم يضمن للباطرونا جهده وكدحه مقابل التملص من أي تبعات قانونية ومن أي مسؤولية تجاهه، خاصة الحق في الترسيم والاستفادة من الأقدمية، إذ يحرم أزيد من 500 عامل غير مرسم من منحة الأقدمية التي يحصل عليها العمال المرسمون البالغ عددهم 360 والتي تصل قيمتها 5 في المائة لأقدمية سنتين و10 لخمس سنوات، و15 ل 12 سنة، وما فوق يحرم هؤلاء لأنهم يشتغلون شكلا مع المقاولات من الباطن ومضمونا وعمليا مع تويسيت. هذه الأخيرة تعمل على تغيير المقاولات كلما سنحت الفرصة لكي لا تضع أي مجال لنقاش الأقدمية.. 
فعلى سبيل المثال، نجد عاملا اشتغل أزيد من 15 سنة. وبتغيير المقاولة يجد نفسه انه اشتغل فقط أربع سنوات مع المقاولة الجديدة. مما يجعل 11 سنة من العمل في مهب الريح ويعوض بدراهم معدودة. إذن المقاولات من الباطن والشركة وجه للجشع والاستغلال الفظيعين.. ويستمر الاستغلال كلما كان الجسد العمالي مترهلا تنخره التفرقة القبلية المصطنعة من الباطرونا وتغذيه المحسوبية والزبونية في الترسيم. فمنطق المقربين أولى هو السائد.. 
- ظروف العمل كما يحياها العمال: تعتبر باطرونا المنجم مثلها مثل باقي الرأسماليات، لا تكترث إطلاقا لظروف العمل وصحة العمال وسلامتهم. تهمها فقط المردودية الإنتاجية حتى لو كان على حساب حياة العمال. ما يمكننا قوله هنا لن يكون أفضل من تعبير العمال أنفسهم عن معاناتهم. عبر لنا بعض العمال وبمرارة العمل والعيش جراء المخاطر وقساوة العيش، بدء بالدخل الذي لا يتجاوز على حد قولهم 3500 درهم للمرسم و 2500 لغير المرسم، ويشتغل العمال ثماني ساعات يوميا وتحسب لهم 7,33 ساعة. أما بالنسبة للعمل الليلي فلم تكلف الشركة نفسها سوى إضافة ثمن ساعة الى عمل النهار وكأن عمل النهار هو نفسه عمل الليل. فبهذا الدخل وفي مثل هذه الظروف المعيشية لا يستطيع العامل توفير الضروري من الضروريات. الى جانب هزالة الدخل تشكل المخاطر المنجمية الهاجس الأبرز الذي يؤرق ويعكر ما تبقى من ذهن لدى العامل. فعلى سبيل المثال، خطر استنشاق الغبار بآبار المنجم، يقول احد العمال إن الشركة مدتهم بكمامات للتنفس إلا أنها غير مساعدة في التنفس وحتى في العمل. عوضها العمال بشراء كمامات شبيهة بالتي يستخدمها الممرضون. وبما أن الدخل لا يساعد، يستعين العمال باستعمال صدريات زوجاتهم كبديل. لا يشكل الغبار غير نقطة من بحر المعاناة والمخاطر الى جانب الحرارة المرتفعة في البئر واستخدام المتفجرات وهشاشة المصاعد التي أودت بحياة العديد منهم.. المخاطر لا تعد ولا تحصى.
- العمل النقابي للعمال: الحق في العمل النقابي مطلب ظل العمال طيلة مسارهم النضالي يطالبون به، لأنه الوحيد الذي سيحصن حقوقهم وكرامتهم. ينخرط أغلب العمال في الاتحاد المغربي للشغل الذي تنخره محليا البيروقراطية والانتهازية، حيث تعمل الشركة على تمييع العمل النقابي باستمالة عناصرها الى سدة القرار. وبطرد المناضلين وتشريدهم تضمن تبعية العمال. إلا أن هذا ليس واقع مطلق، إذ ما من مرة تجاوز العمال القيادات العميلة ليرسموا لأنفسهم مسارا نضاليا متميزا. لكن للآسف مليء بالهزائم والتعثرات.. ونتحمل نحن المناضلون الكثير من المسؤولية في ذلك (يكفي أن يغرق "المناضلون" في تفاهات الفايسبوك والحروب القذرة).. نستحضر مثلا المعركة الأخيرة، معركة الصيف الماضي الذي خاض العمال أربعين يوما من الاعتصام دون أن تحقق شيئا في مستوى تضحياتهم. بل حاولت الإدارة أن تبتز من خلالها العمال وبتواطؤ مكشوف مع القيادة المركزية البيروقراطية للنقابة، لكي تحصل على أربع سنوات هدنة، مدة تكفيها لتأثيث المشهد الداخلي واستغلال أبار جديدة مليئة بالذهب في موقعين، أحدهما بعوام والآخر بتالغبات بمريرت. ولهذا الغرض تتشبث الشركة بالعمال البيروقراطيين، لأنهم وقودها في هذه المعركة.. 

ملحق حول شركة تويسيت

تعتبر الشركة المنجمية لتويسيت حالياً المنتج الأول للرصاص المركّز، والمنتج الثاني للفضة في المغرب، ويقع مقرها في الدار البيضاء
تجري الشركة المنجمية لتويسيت أنشطة تنقيب في الموقع ومختلف أنحاء المغرب. وتحمل الشركة 39 رخصة للبحث، و22 تصريحاً للتنقيب، و13 امتيازاً للتعدين
تعمل "الشركة المنجمية لتويسيت" أيضاً خارج حدود المغرب. إذ تستأثر بالحصة الأكبر من شركة "أوبلاتا"، الفرنسية المتخصصة في إنتاج الذهب ومقرها غويانا، والتي تقوم بتشغيل أكثر من 700 كم2 في هذه المنطقة الواعدة
جان فرانسوا فورت، رئيس مجلس إدارة الشركة المنجمية لتويسيت  (CMT)، ثاني أكبر شركة تعدين في المغرب..

nord west المجموعة الصناعية الفرنسيةًً التي تملك الشركة المنجمية للتويسيت





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق