الرفيقات والرفاق في المكتب المركزي:
شهدت بلادنا يوم 18 يونيو 2015 حدثا مروعا، وكما سماه المعتقلون السياسيون بفاس: "مقصلة سياسية رهيبة". ويتعلق الأمر بالأحكام القاسية التي صدرت في حقهم، والتي وصلت في مجموعها الى 111 سنة سجنا نافذا، على خلفية مؤامرة 24 أبريل 2014 المحبوكة بعناية بالأيادي القذرة للنظام والقوى الظلامية.
لقد خلفت هذه الأحكام الصورية الانتقامية صدى قويا في جميع الأوساط، ومن بينها الإعلام، وخاصة الإلكتروني. وفتحت الأعين والآذان على حقيقة استمرار ما عرف بسنوات الرصاص.
وإذا كان من الطبيعي أن تبتلع العديد من الجهات السياسية المتواطئة ألسنتها رغم هول الجريمة، فالغريب، بل والأغرب صمت المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان حتى الآن، في الوقت الذي نسجل له المتابعة السريعة للعديد من الأحداث الأخرى، والتي تعتبر في كثير من الأحيان أقل أهمية. وأسوق مثالا حديثا يهم طرد باحثين من منظمة العفو الدولية يوم 11 يونيو 2015 من المغرب، حيث أصدر المكتب المركزي بيانا في الموضوع يوم 13 يونيو 2015.
الرفيقات والرفاق في المكتب المركزي:
إن السؤال المطروح هنا بجدية هو معنى المصداقية والمبدئية في التعاطي مع القضايا المطروحة. لقد تأسست الجمعية، وبالدرجة الأولى، من أجل الدفاع عن المعتقلين السياسيين وكافة ضحايا القمع السياسي (في إطار الحقوق المدنية والسياسية)، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية أو الفكرية. فلم يكن كل المؤسسين للجمعية في علاقة "ود" سياسي أو فكري مع المعتقلين السياسيين. وأذكر الوقوف المشرف للجمعية الى جانبنا إبان اعتقالنا رغم تهمة "المؤامرة الغاية منها قلب النظام" التي أغرقتنا سنة 1984 في ظلام السجون لمدد مشابهة (15 سنة سجنا نافذا)..
ولسوء الصدف، تزامنت الفضيحة القمعية المدوية مع حدثين بارزين، ذكرى الانتفاضة الشعبية المجيدة ليوم 20 يونيو 1981 وذكرى تأسيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يوم 24 يونيو 1979.
إن المحاكمة الصورية قد شابتها العديد من الخروقات (حسب تصريحات هيئة الدفاع) وأصدرت أحكاما سياسية انتقامية، وبالتالي فليس هناك ما يمنع (حتى حقوقيا، ووفق المرجعية الدولية لحقوق الإنسان) من إدانتها من طرف المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. ويمكن الرجوع الى بلاغ فرع الجمعية بفاس سايس في الموضوع (20 يونيو 2015)، والذي لا نعتقد أنه فرع لجمعية أخرى غير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وطبعا، لا مجال لتنزيل حكم "فرض كفاية" (إذا قام به البعض سقط عن الكل)..
الرفيقات والرفاق في المكتب المركزي:
إن الخطير في الأمر هو كون السكوت عن هذه الجريمة من طرف المكتب المركزي للجمعية يطرح عدة نقط استفهام لدى المنظمات الدولية التي تتخذ من الجمعية مرجعا. فالسكوت يعني، بغض النظر عن خلفية ذلك، إدانة ثانية للمعتقلين السياسيين المعنيين.
والأخطر أن السكوت يقرأ كإشارة للنظام للانفراد بالمعتقلين السياسيين، كافة المعتقلين السياسيين، وكذلك محاولة لعزلهم.. فكيف تصمت كل "هيئات حقوق الإنسان"؟!!
أن يصمت "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان" الضالع في الجريمة أمر مفهوم، لكن أين صوت الحقيقة، أين الضمير لدى باقي الهيئات؟ أين الجرأة؟ أين المبدئية؟ هل تتوفر الجمعية أو باقي الهيئات الحقوقية وغيرها على ما يجرم هؤلاء المعتقلين السياسيين (أدلة مادية)، غير ما قدمه النظام من روايات زائفة ومتناقضة وما ثبته القضاء غير النزيه وغير المستقل (قضاء التعليمات)؟
إن موقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من القضاء بالمغرب معروف وواضح. وبدون شك، القضاء بالمغرب هو القضاء بالمغرب.. لا شيء تغير على أرض الواقع.. فهل توقف القمع؟ هل توقف التعذيب؟ هل توقف الفساد؟.. لا نريد للحسابات السياسية الضيقة أن تطعن مصداقية الجمعية وأن تقتل مبدئيتها.. ليستمر شموخ الجمعية من خلال كفاحيتها وتصديها الجريء (من موقعها الحقوقي) لجرائم النظام وحلفائه ولأجهزته القمعية..
الرفيقات والرفاق في المكتب المركزي:
تحية وتقدير لكل من أدان الجريمة النكراء ومن مختلف المواقع والتوجهات السياسية، وتحية وتقدير لكل من تضامن مع المعتقلين السياسيين بفاس ومع عائلاتهم.
أعرف أن عددا كبيرا من أعضاء الجمعية قد تضامن مع المعتقلين السياسيين بفاس ومنذ انكشاف أطوار/خيوط المؤامرة، ومنذ استشهاد المناضل مصطفى مزياني في ظل نفس الصمت الرهيب، ولا يسعني إلا أن أحييهم وأشد على أيديهم. وأعرف كذلك أن عددا كبيرا آخرا (وكما دائما وبدافع الحقد المجاني) سيتهمني بالإساءة الى الجمعية والتحامل عليها (بمناسبة وبدونها).
لا يهم، حيث لا مجال للانشغال بقراءة "الكف" أو النوايا أو اللجوء الى قاموس التخوين. إن الجمعية جمعية الكل، وقد أثبتنا (قولا وفعلا) استماتتنا في الدفاع عنها، وسنستمر في الدفاع عنها ضد كل محاولات الاجتثاث والتضييق، كرصيد وإرث نضاليين لكل شرفاء بلدنا. لكن، من حق الكل الغيرة عليها وعلى مسارها النضالي المتميز وانتقاد قيادتها ومحاسبتها، من باب الديمقراطية والحق في الاختلاف (على الأقل). وفي جميع الأحوال، لنحتكم الى الوقائع، من يدافع عن الجمعية بمبدئية ومن "يدافع" عنها بانتهازية ومن يسيء إليها بالمكشوف (قولا وفعلا/ممارسة).. ولنحتكم الى هذا الحدث بالضبط أو لغيره..
الرفيقات والرفاق في المكتب المركزي:
نصرخ/نقول أمام الملأ وبلسان المعتقلين السياسيين بفاس:
"سيظل يوم 18 يونيو 2015، شاهدا على مقصلة سياسية رهيبة، كانت محكمة الاستئناف بفاس مسرحا لها، عنوانها الانتقام والقصاص السياسي في حق مجموعة من خيرة مناضلي شعبنا/في حقنا كمعتقلين سياسيين، ببشاعة، وبدم بارد، نفذ النظام والقوى الظلامية وقضاءهم المشبوه، جريمة قتل سياسي متعمد مع سبق الإصرار في حقنا، نحن أبناء الشعب، مناضلي الشعب ومعتقلي الشعب، فبعد جلسة شكلية من محاكمة سياسية، عانينا فيها من التطويق القمعي حتى داخل قاعة المحكمة من طرف البوليس السري والعلني، وحرمنا فيها من أبسط حقوقنا، حتى من الكلام للدفاع عن أنفسنا، ومورس التضييق والاستفزاز في حق هيئة دفاعنا، ورفضت كل الملتمسات التي تقدمت بها، ولأن الأحكام كانت جاهزة مسبقا لم تستمر فترة المداولة سوى نصف ساعة، لينفذ القرار السياسي، القاسي والجائر في حقنا، ووزعت علينا 111 سنة من السجن النافذ، على إيقاع آهات وصرخات أمهاتنا ورفاقنا ورفيقاتنا"...
كل التضامن مع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم
كل التضامن مع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين
شارك هذا الموضوع على: ↓