2015/10/25

البديل الجذري // لنشيد البديل تحت نيران الأعداء.. لا تحت رحمة الامبريالية ومن سوريا نموذج

روسيا تدخل بشكل رسمي على خط الحفاظ على النظام السوري من الانهيار، وتلتحق بالمعسكر الامبريالي الرجعي الصهيوني مباشرة إلى جانب إيران وحزب الله وميلشيات عراقية طائفية موالية لإيران، بعدما كانت من الخلف في إطار حسابات
سياسية وعسكرية مع أمريكا. روسيا، تقود الآن الحرب بطائراتها العسكرية جوا وبرا، بضباطها وخبرائها العسكريين وأسلحتها المتطورة. وجاء التدخل أولا، بعد خسارة النظام لعدة مدن وأرياف ومطارات وكتائب مسلحة وانحسار سيطرته على الأرض (بعض الأرض)، وصارت المعارك على أبواب دمشق. وثانيا، بعدما ارتبكت حسابات الأنظمة الإقليمية وتراجعت ثقتها في قدرة وكلائها على تأمين الوضع والسيطرة عليه، في حال انهيار النظام القائم بسوريا كليا، مثلما حصل في تجربة الاجتياح الامبريالي الإجرامي للعراق. 
ومباشرة بعد التدخل الروسي من خلال انطلاق الضربات الجوية في سوريا، تغير خطاب الأنظمة الإقليمية وأمريكا، وبدأ يلوح في الأفق التقارب والتفاهم على المصالح المتبادلة. وتبين أن شعار/أسطوانة "الحرب على الإرهاب" أو ضرب "داعش" ليست الهدف، بل مجرد وسيلة لإدارة الصراع الدولي، ليبقى الشعب السوري هو الخاسر الأكبر.
فنحن اليوم أمام حرب اندلعت ليس مع التدخل العسكري الروسي على الخط بشكل رسمي ومباشر، بالأسلحة المتطورة، بل إن سياق الحرب هو إصرار النظام على تحويل سوريا الى حمام دم باغتيال الآلاف من أبناء الشعب السوري مع اندلاع الثورة السورية المغتالة بشعارها الأساسي والمركزي "الشعب يريد إسقاط النظام". إن التدخل الروسي استمرار لحرب أشعلها النظام القائم بسوريا بتحويله الثورة من ثورة شعبية إلى قمع وإبادة دمويين بتواطؤ القوى الإقليمية والدولية، بعدما كان يعتقد ويروج أن الشعب السوري يدعمه ويؤيده، وأن ما يحدث في سوريا هو مجرد إرهاب وعمل لمجموعات صغيرة من الإرهابيين التي يتوجب القضاء عليها. وبعد أن سقط الآلاف من الشهداء من مختلف الأعمار، وخربت جل المدن والأرياف الثائرة، وهدم بعض منها عن آخره، لم ينه ما قيل عنه مجرد مجموعات صغيرة من الإرهابيين، بل قد غرق ولازال في وحل الحرب لسنوات، ولم يعد يسيطر سوى على بعض أطراف البلاد السورية. وفي الأشهر الأخيرة، بدأ يفقد مجموعة من المواقع وتحول من الهجوم الى الدفاع وباتت المعارك على أبواب دمشق. وبحكم لاوطنيته ولاديمقراطيته ولاشعبيته، خضع لضغوطات وشروط القوى الأجنبية الرجعية والامبريالية من أجل الحماية من الانهيار وتحصين الاستمرارية، تماما عكس الأنظمة الوطنية الديمقراطية الشعبية الحقيقية التي تجند وتسلح شعوبها من أجل المقاومة وخوض حروب التحرير والمقاومة الشعبية. 
وخلال هذه الحرب الطويلة ضد الشعب السوري تدخلت عناصر مرتزقة، مجندة، مؤتى بها، من طرف أنظمة إقليمية وامبريالية عبر البر والبحر والجو، تحت ذريعة الجهاد ضد النظام السوري، تحارب لأغراض سياسية مستقبلية موجهة بعد انتهاء الحرب، حولها الإعلام الدولي المملوك بعد أن انتهى من صناعتها إلى بعبع "داعش" الذي يستدعي الإجماع الدولي لمحاربته على الأرض السورية والعراقية. وصارت كقوة إضافية متدخلة على الخط تستهدف بدورها ثورة الشعب السوري ومقاومته الشعبية، وكلفته خسائر انضافت لتكاليف النظام. وهكذا أصبح الشعب الثائر في سوريا يجابه اليوم قوى مختلفة، في حرب تقدم من خلال إعلام متحكم فيه وكأنها حرب ضد "الإرهاب" ولا وجود للثورة الشعبية، وقوة النظام وإلى جانبه قوة كل من روسيا وإيران والجماعات الطائفية الرجعية الموالية له من جهة، وقوة القوى الظلامية، ومن ضمنها الصنيعة الهمجية "داعش"، ومن خلفها قوة المتدخلين والمدعمين الدوليين في شخص الامبريالية الأمريكية والأروبية والصهيونية والأنظمة الرجعية الإقليمية من جهة ثانية. 
وصار المشهد السياسي السوري يتكون من النظام القائم المستفيد من الحماية السياسية والعسكرية الروسية والنظام الرجعي الإيراني، وما يسمى بالمعارضة السياسية والتي بدورها واقعة تحت وصاية الأنظمة الداعمة وتهيمن عليها القوى الظلامية بما في ذلك قيادة الجيش الحر و"داعش". أما الجماهير الشعبية في انتفاضتها المستمرة، أو ما يصطلح عليه بالحراك الشعبي الذي ما يزال حيا بالرغم من ضعفه وهامشيته، فترفض الانصياع لكل تلك الأطراف وتخرج في احتجاجات ومظاهرات، سواء في مناطق سيطرة النظام، أو في المناطق "المحررة" التي هيمنت عليها الجماعات المسلحة الرجعية، أو في مناطق سيطرة "داعش" كذلك، متحدية المجازر والاختطافات والإعدامات المقترفة من كلا الأطراف -طغمة النظام والجماعات الظلامية المختلفة-. وتؤكد، لمن أنساه جدل النصوص جدل الواقع الحي، أن المصالح الطبقية توجد في كل الظروف، توجد في ظروف السلم مثلما توجد في ظروف الحرب، والدفاع عنها بكل حزم وبصدق ومسؤولية لا تثنيه أي ظروف كيفما كانت. والتاريخ الثوري يقول إن المعركة من موقع الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية وعن التقدم هي من توجه مهام الثوار الفعليين من أجل الإعداد الجدي والحاسم لكل شروط النصر للثورة الشعبية وليس الانسياق خلف مصالح المعمرين التي تتقاطع مع القوى الرجعية الواقعة تحت حماية سواء الجماعات الظلامية والليبراليين والليبراليين الجدد، أو قوى النظام الديكتاتوري الذي انتفضت الجماهير الشعبية من أجل إسقاطه. ونسوق، مرة أخرى، لمن أخفت عنه النصوص جدل الواقع المادي التجربة الحية من تاريخ دول الكومونفورم سنة 1948 حين طردت تيتو من عضويتها واقترحت إسقاطه بالقوة، كيف وقف ستالين ضد هذا القرار بكل حزم وبكل مسؤولية في حينه، ورفض إسقاط نظام تيتو بالقوة، واعتبر أن الثورة في يوغوسلافيا هي من مهام الشعب اليوغوسلافي وليس من مهام دول الكومونفورم، إيمانا منه بأن الشعب هو من يملك الحق في تقرير مصيره، وأن واجب الشيوعيين يتوقف في فضح انحراف تيتو عن الماركسية، وليس في التدخل العسكري المباشر لصنع نظام على المقاس، بعيدا عن إرادة وتطلعات الشعوب. وهذا الحدث جرى في 1948 وما يعنيه هذا التاريخ بالنسبة للقوة العسكرية السوفياتية عالميا. إذن ماذا يعني الوقوف اليوم الى جانب النظام الروسي أو الى جانب قوى التحالف بقيادة أمريكا زائد القوى الإقليمية، وهي أطراف تتفاوض على مصالحها المتبادلة كخيار أول وأخير، أو الوقوف ضدهم جميعا كخيار نقيض؟ أليس الخيار الأول هو تسليم سوريا لمصالح القوى الإقليمية والدولية (الرجعية والصهيونية والامبريالية)، لتبقى ساحة صراع وتفاوض بين هذه القوى سواء كان الانحياز لهذا الطرف أو ذاك؟ أما الخيار الثاني أي ضد تسليم سوريا فيستدعي العمل على دعم استعادة زمام الأمور عبر الرهان على كامل الشعب السوري وعلى قوى التحرر الحقيقية، والعمل على تحقيق آمال الشعب السوري وتطلعاته بالدفاع عن حقه في تقرير مصيره ضدا على مصالح الامبريالية وعملائها من هذا الطرف أو ذاك. إن الواجب الأممي يفرض الوقوف بجانب الشعوب المضطهدة والدفاع عن حقها في تقرير مصيرها بنفسها. فالشعب الحر وحده القادر على خوض حرب التحرير والدفاع عن مصالحه بصدق وإخلاص، وليس روسيا أو أمريكا أو حلفائهما من الأنظمة الإقليمية من ستوضع فيهم ثقة الدفاع عن الشعب السوري والبلاد السورية، مهما كانت الذرائع والحجج المقدمة لخداع الجماهير وكافة أبناء الشعب السوري. فعماد التحرر ليس الاستقواء بالخارج، كيفما يكن تدخل الخارج، بل بالنضال الطبقي الذي يوقظ البطولة المادية الملموسة والقوة الأخلاقية والكرامة لدى الجماهير الشعبية المكافحة، وفي مقدمتها العمال. إنه خير حماية وخير دفاع، أما الدفاع عن الحرب الروسية (التدخل العسكري الروسي) أو حرب "النصرة" وتجار الدين نيابة عن التحالف والناتو والصهيونية والأنظمة الرجعية الخليجية وغيرها، فليس سوى صيانة للرجعية والتبعية والعمالة سواء بوجهها الديكتاتوري أو الظلامي. وكما يقول ماركس في تحليله للخبرة التاريخية لكمونة باريز، إنه "حين ينشب النضال الطبقي ويتحول الى حرب أهلية، يتناثر التدليس هباء".
والسؤال المطروح هو من يهدد النظام القائم بسوريا ويعمل على إسقاطه؟ هل "داعش" التي ظلت تقاتل لتوفير مساحات على الأراضي السورية تضمن بها ممرا بريا يربط تركيا ببلدان الخليج بعيدا عن دمشق وعن الساحل السوري وقاعدة طرطوس؟ هل هي الكتائب المسلحة المدعومة من قبل أنظمة التحالف التي توقفت على أبواب دمشق بعد الاختلال الملحوظ، في الشهور الأخيرة،أي قبل التدخل الروسي، في ميزان القوى العسكري لغير مصلحة النظام القائم وحلفائه، انصياعا لحسابات القوى الإقليمية والامبريالية المدعمة؟ نقول لا.. بل من يهدد النظام وكان يهدده فعلا وأطلق المعركة وقدم خيرة أبنائه شهداء من أجل ذلك هو الشعب السوري البطل. الشعب السوري هو من قرَّر، منذ السنة الأولى لانطلاق الثورة على غرار الثورات الأخرى المغدورة بكل من تونس ومصر بالخصوص، أنه يريد "إسقاط النظام". ولم يرضخ بالرغم من سقوط آلاف الشهداء بعد الرد الوحشي والدموي للنظام، وإصرار هذا الأخير على تحويل الثورة الى صراع دموي بمساعدة القوى الإقليمية التي دخلت على الخط باستئجارها لمرتزقة العالم والسطو على الثورة الشعبية، مستغلة الفراغ السياسي وغياب الأداة الثورية. وأن تدخل لا يستهدف في البداية والنهاية سوى إجهاض الثورة الزاحفة وقتل الثوريين وكل معارض عازم حقيقة وفعليا على إسقاط النظام. أما "النصرة" و"داعش" و"ائتلاف قوى الثورة" المشبوه فلم يكونوا يوما جزء من الثورة. إن وجودهم كان بدعم وصناعة من الأنظمة الإقليمية الرجعية والكيان الصهيوني وأمريكا والناتو؛ وبالضبط، لكي يخرّبوا الثورة ويستبيحوا خيراتها ويستغلون موقعها الجغرافي والعسكري الاستراتيجي. والتجربة في مناطق السيطرة للجماعات المسلحة و"الجيش الحر" أبانت للجماهير الدور التخريبي لمن يقال عنهم الداعمين من أنظمة رجعية "بالخليج" وتركيا والكيان الصهيوني، وعن أساليب الابتزاز والتحكم في المعارك وفي تشكيلات قيادات "المعارضة" وتحويلها الى صورة طبق الأصل للنظام والأنظمة المتعفنة الرجعية بمنطقة "الخليج". وهو ما دفع بالجماهير للتظاهر والاحتجاج في عدة مدن للتعبير عن رفضها لهذه التشكيلات والمطالبة برحيلها كما هو الأمر في مناطق سيطرة النظام بالرغم من الاختطافات والاغتيالات وكل الأساليب البشعة والإجرامية لطغمة النظام الديكتاتوري. وهي الحالة المتستر عليها والمطموسة بحكم الصراع الدولي المسلح الذي يجري على الأرض السورية، وقوة الإعلام الموجه من قبل الأطراف المتصارعة، كما يتستر عليها كل العجزة والمتخاذلين والهاربين من مسؤولية متطلبات إعداد النهوض الثوري بكل تحدياته، بما في ذلك بناء الأداة الثورية تحت نيران الأعداء. 
وكثير من المصنفين في خانة "الثورية" ينتشون هذه الأيام لمجازر روسيا في حق الشعب السوري، وللتخريب والتدمير لمنجزات حضارة الشعب السوري، ويرفعون شارة النصر ل"المحرر الروسي" الوهمي احتفاء بالهجمة الوحشية على سوريا، وعلى إنقاذ النظام من الانهيار، ويوشحون النظام الروسي بوسام أحرار العالم، ويشتمون رائحة الاتحاد السوفياتي المنهار على بدلات ضباط بوتين، مع التنظير المستفيض لحد التخمة لترتيب مقامه في خانة العظماء الوطنيين والتاريخيين، وبجنبه الدكتاتور "المقدس" بشار الأسد، بالرغم من أن أياديه ملطخة بدماء الشعب السوري واللبناني والفلسطيني، مثله مثل الامبريالية الأمريكية ومثل الصهيونية والرجعية. ويذكرون بصداقة الاتحاد السوفياتي التاريخية للشعوب المضطهدة لتقوية جبهة الدفاع عن "المقاومة" لبقاء النظام الديكتاتوري. ويحولون الجدل الى رافعة لإحياء الأموات. وإن أكثر "الثوريين" حماسا ل"الحرب على الإرهاب" قد أنستهم روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي غير الشرعية، في جدل التوريث الأبدي والمفروض، مثلما هو التوريث الرئاسي في جمهوريات/ملكيات المنطقة، كون "الحرب على الإرهاب" لعبة أمريكية كانت مرفوضة ومدانة في الأمس القريب لكونها مطية لغزو الشعوب ونهب خيراتها، وإنقاذ الرأسمالية من الانهيار، بعدما قسمت أمريكا العالم الى عالمين "عالم حر" وعالم "الإرهاب" -عالم "الخير" وعالم "الشر"-، ليشن حربه على أفغانستان وبعدها العراق إثر أحداث 11 سبتمبر2001 الغامضة. ولم يترك قادة أمريكا أي كذبة لم يسوقوها وأي خدعة لم يوظفوها من أجل تضليل الشعوب وتركيعها وتقديم/تصنيف أنفسهم كقادة لقوى الخير في العالم. لكن الثوريون وكل أحرار العالم وقفوا ضد الحرب وخرجوا في مسيرات ومظاهرات في كل بلدان العالم. فهل كان هذا الموقف هو دليل الدفاع أو التخندق الى جانب القاعدة أو الى جانب الطالبان أو إلى جانب الدكتاتور صدام؟ بالتأكيد لا أحد قال ذلك، أو لمح إليه، لأن وقوفهم ضد الحرب ليس دفاعا عن القاعدة أو الطالبان بأفغانستان بل وقوف ضد الحرب الامبريالية والاحتلال والغزو ودفاعا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها والتشبث بهزيمة أعداء الشعوب وإضعافهم من أجل الانقضاض عليهم. ولم تنطل على الثوريين فزاعة الإرهاب التي تم التسويق لها من طرف الامبريالية بقيادة أمريكا. ف"محاربة الإرهاب" و"الوطنية" و"الثورية" التي يسوقها كلا الأطراف المهيمنة على المشهد السوري ليست في هذه الحرب، كما في حروب امبريالية سبق ذكرها، سوى وسيلة خداع وتضليل، غرضها تسخير الجماهير الشعبية الكادحة لخدمة أعدائها اللدودين في مختلف صورهم.. وإن إظهار الحرب التي تقودها روسيا في سوريا كحرب وطنية وحرب للتحرر مثله مثل من كان يظهر أن "النصرة" و"داعش" وأمراء الحروب الذين اغتصبوا الثورة السورية، ويخوضون الحرب بالنيابة عن أمريكا وحلفائها في الناتو والأنظمة الخليجية والكيان الصهيوني زورا وبهتانا، أنها حرب ثورية.
واليوم انتقل لواء "الحرب على الإرهاب" الى غزوات النهب والاستعمار وبناء القواعد العسكرية عبر العالم. فهاهي روسيا تواصل نفس المسلسل بعد تواطئها وسكوتها المكشوفين لمدة طويلة من تقتيل الشعب السوري، بعد "انسحاب" أمريكا نتيجة الإخفاق الذي منيت به في الشرق الأوسط الصغير وتركها للفراغ بعد نشرها للفوضى المسلحة، كما يغفل مناصرو التدخل العسكري الروسي أن بوتين يملك أربعين مليار دولار كأسهم في شركتَي الغاز والبترول الروسيتين العملاقتين كما ذكرها المحلل السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي سنة 2007 (37% من شركة النفط "سورجوت" و4.5% من الغاز الطبيعي بشركة "غازبروم" وأسهم في مجموعة "جينفور" التي تحتل المركز الرابع بين شركات تجارة النفط في العالم) ليصنف من أغنى رجالات الرأسماليين الأوروبيين، وأنه قائد لحزب "روسيا الموحدة" بعمادها القومي والأرثوذكسي والمدعم القوي لليمين الأوربي المتطرف، ويتجاهلون (ربما لا يدركون) أن روسيا التي عقدت صفقة مع تركيا من أجل مدها بأنابيب الغاز لن تقبل بوجود نظام على الأراضي السورية والعراقية يفتح الممر لقنوات الغاز الخليجية للعبور نحو تركيا وأوروبا لمحاصرة شركات الغاز العملاقة الروسية (وهذا التحليل لا يعني الدفاع عن تقسيم سوريا والعراق الى دويلات بل لاستكشاف وتبيان خلفيات الحرب المدمرة) ناهيك عن أن المنطقة سوق مهمة تسيل لعاب شركات الأسلحة والعمران بعد أن دمرت حضارات بكاملها.. لذا لن ننتظر من بوتين وحاشيته باستراتيجيته الواضحة والأكثر وحشية، القائمة على سحق أي صوت معارض في سوريا لبقاء النظام، سوى الكذب والتضليل بدوره مثله مثل كل القادة الامبرياليين وكل مجرمي حروب النهب والتدليس على حقيقة وخلفية القتل والتدمير والإجرام والسلب والنهب. 
فهل من عاقل قد يخفي المصالح الامبريالية خلف هذه الحرب؟ هل هناك عاقل قد يثق يوما بخدعة وأكذوبة انحياز الامبريالية الى قوى التحرر فعلا والى الشعوب؟ إن مشاركة الامبريالية وعملائها في الحرب تدافع عن مصالحها من خلال نهب خيرات الشعوب وتعمل على التخفيف من أزماتها وعلى السيطرة على مواقع النفوذ الجيو-ستراتيجية عبر العالم من أجل مصالح شركاتها وعلى رأسها شركات الأسلحة والبترول والغاز والتعمير. وهذا واقع الحال بالنسبة للحرب الحالية الدائرة في سوريا؛ ومن يتغاضى عن دور الامبريالية ومصالحها في الحرب الدائرة منذ أن سرقت الثورة السورية من قبل عصابة الظلام المدعومة من طرف الرجعية والصهيونية والامبريالية، يخون قضية الشعوب المضطهدة في التحرر والانعتاق ويتآمر عليها. إننا مدعوون اليوم الى النضال على جميع الجبهات ومن بينها النضال ضد النهب الجاري خلف الفوضى "الخلاقة" وما يسمى "بالحرب على الإرهاب" سواء من هذا الائتلاف/التحالف أو ذاك، وضد الحرب على الشعب السوري مهما كانت الخلفية التي تسوقها الأطراف المهيمنة على المشهد السوري والفاعلة فيه. ولا يمكن قبول تضليل الشعوب بتقديم حروب النهب والتدمير والإجرام كحروب تحريرية، ولا يمكن تحويل حروب تقف خلفها الامبريالية والرجعية والصهيونية وميلشيات الظلام والقتلة والمجرمون، إلى حروب تحررية باسم الجدل. إن الضحية الأولى هي الشعب السوري، وهي الشعوب المضطهدة، وهي انتهاك واغتصاب حقها في تقرير مصيرها بنفسها. إن تحليل الظاهرة بطريقة علمية ملموسة في ظروفها الحية وفي تطورها هو عمق الالتزام بالجدل المادي. أما إحياء ماض وأمجاد ومواقع زمن بعيد؛ وطمس كل تحول في بنية أنظمة صارت امبريالية، وأخرى تبعية وديكتاتورية وعدوة للشعوب، وأحزاب رجعية طائفية، مقابل نسيان طبقة البروليتاريا الى جانب قوى الشعب الثورية التي تمثل التقدم الى الأمام لإنجاز المهام الثورية التي تحملها المرحلة التاريخية الى جدول مهمات الثوار عبر كل ربوع العالم، والمدعوة لبناء ذاتها لمقاومة الحرب اللصوصية الرجعية والصهيونية والامبريالية الرامية الى اغتصاب تطلعات وطموحات الشعوب في التحرر والانعتاق؛ ليس له معنى سوى دفن الواقع الحي وترتيل النصوص الصفراء أثناء جنازته. وبالمناسبة، نتساءل كيف تناسى البعض بناء الحزب الثوري تحت نيران العدو؟ أم اليوم يستدعي بناء الحزب الثوري تحت رحمة روسيا والصين وإيران والنظام وتحت رحمة حلف الناتو وأمريكا والكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية؟!.. 
إن الحرب الحالية سواء من جانب مختلف الجماعات/القوى الظلامية وأمراء الحروب وتجار الدين الموالون لأمريكا وحلف الناتو والأنظمة الخليجية المتعفنة أو من جانب النظام الديكتاتوري القائم بسوريا وروسيا وإيران وحزب الله، تعد المصالح الرجعية والامبريالية المفصل الحاسم فيها. أما الحديث عن التحرر والوطنية أو الثورية من هذا الجانب أو ذاك فهو من باب خداع الجماهير الشعبية وتضليلها "لشرعنة" القتل والفتك والتدمير لكل ما بني بسواعد الكادحين من أجل تأبيد معاناة الشعوب وضمان المصالح الكبرى للشركات العملاقة، شركات التعمير وشركات النفط والغاز والسلاح بالدرجة الأولى.

تيار البديل الجذري المغرب
.C.A.RA.M


25 أكتوبر 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق