لقد مرت خمس سنوات على انطلاق حركة 20 فبراير، خمس سنوات من التضحيات والنضالات البطولية.
تحققت بعض النجاحات وحصلت إخفاقات، ومن غير المنطقي ومن غير المجدي تقييم الحركة فقط على ضوء ما آلت اليه في الوضع الحالي. وإذا كان أعداء الحركة من نظام قائم وعملائه، إصلاحيين ورجعيين (ظلاميين وشوفينيين...)، وأبواقه الإعلامية والإيديولوجية يفتخرون في كل مناسبة بإنجازهم التاريخي بالقضاء على الحركة وبذلك القضاء على طموح الشعب المغربي في الانعتاق والتحرر كما افتخروا سابقا بضرب حركة التحرر الوطني المغربية والقوى المعبرة عن هذا الطموح، لدرجة ألا إنجاز لهم غير إقرارهم بالقضاء على حركة 20 فبراير التي كانت بمثابة الخلاص لهذا الشعب من كل أعدائه الطبقيين وأسيادهم، الثالوث الامبريالي الصهيوني الرجعي.
لقد تم بناء ما يسمونه "مغرب ما بعد دستور 2011" على "أنقاض" حركة 20 فبراير، وذلك بعد الالتفاف على مطالب الشعب المغربي وإجهاض نهوضه وضرب حقه في التغيير، عبر فبركة دستور على المقاسوصولا الى مسلسل انتخابي مشبوه أريد له إنتاج ما أنتجه الالتفاف على "الثورات" في المنطقة بوصول القوى الظلامية الى السلطة في كل منتونس ومصر. وهكذا تم إخراج الحكومة الظلامية وصنعالإجماعالذي سمح للنظام بتسريع وتيرة الحرب الطبقية على كل المستويات وتسخير كل الجهودلإثقال كاهل الشعب المغربي لأجيال عبر الديون الخارجية وتصفية كل القطاعات الاجتماعية أو ما تبقى منها والإجهاز على الوظيفة العمومية، ودائما وفق إملاءات الامبريالية ومؤسساتها المالية، صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...
إن الاعتقالات والقمع الممنهج وكل المؤامرات الطبقية التي حيكت وتحاك في السر والعلن، انسجاما مع الطبيعة الدموية للنظام القائم، ما هي إلا أساليب ممنهجة للقضاء على روح الثورة والتغيير الجذري للأوضاع السائدة وبالتالي تدمير كل ما من شأنه خلق الفارق لصالح القوى الجذرية.
إن ما يحسب ل 20 فبراير بالإضافة الى أنها كسرت حاجز الخوف من الأعداء، وهو معطى لا يمكن تجاهله أو التقليل من أهميته،هو إسهامها بشكل واضح في فضح أعداء الشعب المغربي الواحد تلو الأخر أوهم مجتمعين، وخاصة النظام القائم على الاضطهاد والاستغلال والنهب والعمالة للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
لقد انكشف أعداء الشعب المغربي وأعداء الشعوب في المنطقة بشكل غير مسبوق. إذ عجلت الانتفاضات الشعبية التي عمت المنطقة وأسقطت كل الأقنعةوأبرزت أن القتل والإرهاب ونهب خيرات الشعوب واغتصاب الأوطان وتقسيمها بما يخدم الأهداف المسطرة مسبقا المرحلية منهاوالإستراتيجية؛ أبرزت أن ذلك كله يشكل جوهر المخططات الإمبريالية والصهيونية والرجعية، اقتصاديا (البنك العالمي، صندوق النقد الدولي...) وعسكريا (الناتو...).
كذلك، لقد انكشف النظام وأحزابه ونقاباته وجمعياته وانكشف حواريوه. انكشف المترددون والخونة والمرتدون وضيقو الأفق. كما تم فرز الثابتين على المبدأ ومن هم الاوفياء لأرواح الشهداء ومن يعتنقون حقيقة معانة وآمال وآلام الشعب المغربي ويعملون جاهدين لإنهاء تلك المعاناة، وذلك بالقضاء على أسبابها الجوهرية والمتمثلة في استمرار إجرام النظام القائم المدعم من طرف الهمجية والوحشية العالميتين.
ان أسباب الثورة متجذرة في كل مناحي حياة الشعب المغربي (واقع التناقضات الطبقية داخل المجتمع وشساعة الفوارق الطبقية والقمع والإرهاب المسلطين على رقاب الشعب...).إن الصراع الطبقي يحتدوالمواجهة المفتوحة بين النقيضين الرئيسيين (البروليتاريا والبورجوازية) تتجه أكثر فأكثر الى التصادم المباشر وبمختلف الوسائل. فلم تعد الشعوب ومن ضمنها الشعب المغربي مستعدة لقبول وتحمل الوضع القائموالموت البطيء المفروض عليها بمسميات عدة، ولن تنفع كل تلك المؤامرات التي حيكت وتحاك ضد شعوب المنطقة من طرف الامبريالية وعملائها.. بالأمس، المجاهدون الأفغان والقاعدة واليوم داعش وأخواتها لإرهاب الشعوب وثنيها عن شق طريقها نحو التحرر، طريق الثورة الشعبية وبناء مستقبل الشعوب. فقوة الامبريالية وعملائها في المرحلة هي وجود قواعد عسكرية ثابته لها داخل تلك البلدان بموجب صفقات الحفاظ على الأنظمة القائمة العميلة. إن استمرار وجود تلك القواعد يعد أكبرخطر يتهدد العمل الثوري بتلك البلدان. إذ تلجأ الامبريالية الى استغلال وتفجير المجتمعات من الداخل عبر الصراعات الإثنية والدينية والعرقية (العراق واليمن وسوريا وليبيا...) بما يخدم مصالحها وتحوير الثورات الى حروب طائفية وعرقية. إن اللعب على الوتر الديني والعرقي والإثني يعتبر طوق نجاة لأعداء الشعوب، أعداء الإنسانية، من انفجار طاحونة الصراع الطبقي في وجوههم.
إن ميلاد حركة 20 فبراير هي بمثابة بذور الثورة على الأوضاع القائمة، فهي حركة جاءت في غمار انتفاضة شعبية دامية لتعبر عن هذا الطموح في الانعتاق والتحرر والانتفاض ضد القمع الشامل الذي يرزح تحت نيرانه الشعب المغربي.. وكان للعامل الإقليمي الدور المساعد في الإفراز السالف الذكر. لقد تأثرت حركة 20 فبراير إيجابا وسلبا مع مجمل التطورات التي حصلت في المنطقة، إذ كان يوم 20 فبراير من 2011 يوما لإدانةالنظام القائم وكل عملائه، ولتحدي القمع الذي خيم لعقود طويلة. خرجت الجماهير الشعبية وهي مسلحة بقناعتها وإصرارها على التغيير الجذري، وبالمقابل حضر النظام بكل ترسانته القمعية.. فكانت الاعتقالات وسقط الشهداء، تآمر المتآمرون و"انتهت" المعركة. لكن الحرب لم تضع أوزارها بعد..
صحيح أيها السادة،"انهزمنا" في جولة من المعركة حين عجزنا عن ضمان الاستمرارية المتوخاة للانتفاضة كسابقاتها من الانتفاضات الشعبية (58، 59، 65، 81، 84، 90...) وبنفس الذريعة رغم التفاوت بين الانتفاضات وسياقاتها، إلا أن المعركة معركة طويلة وشاقة، سنخوضها الى جانب شعبنا والى جانب عماله وفلاحيه الفقراء، حتى النصر وفاء لكل الذين استشهدوا واعتقلوا وشردوا.
4 مارس 2016
4 مارس 2016
شارك هذا الموضوع على: ↓