تمضي سنة (2017) وتأتي أخرى (2018)، وكأني بالأولى توصي الثانية.. تماما كما هي حالنا، يمضي "مسؤول" ويأتي آخر؛ وأوضاعنا لا تزداد إلا بؤسا وشقاء..
و"السر" الذي لم يعد سرا هو أن السنوات تمر وكذلك المسؤولين، لكن النظام القائم جاثم دائما على صدورنا، وكذلك "عنترياتنا" الذاتية (المرضية) لا تزداد إلا تضخما. ومادام الأمر كذلك، فلا يمكن إلا أن ننتظر الأسوأ.. وستكون سنة 2018، وبدون شك، حافلة بالمفاجآت غير السارة بالنسبة لأبناء شعبنا.. والزيادات الحالية والمرتقبة واستمرار الاعتقال السياسي وتفاقم الاستغلال والقهر الطبقيين، مؤشرات دالة على سنة لن تكون أحسن من سابقاتها. وإذا "استكانت" معركة الحسيمة والمنطقة (بفعل فاعل) عشية سنة 2017، فأمامنا في مخاض ولادة سنة 2018 معركة جرادة المتفجرة والمتواصلة، المدينة العمالية بامتياز. إنها المعركة التي ستترك بصمتها في السنة الجديدة. لكن، وبكل أسف، نرى منذ الآن تجند الحواري والأزلام لقتل كفاحية المعركة و"شراستها" واقتلاع أضراسها لتصير مهرجانات احتفالية لامتصاص الغضب وترتيب آليات الانبطاح والخضوع. إنه العزف المميت على الأوتار الحساسة لأبناء المدينة المنسية، ودائما في غياب التنظيم السياسي المكافح، المؤطر والمنظم...
يتحدثون عن "ربط المسؤولية بالمحاسبة" من خلال الدستور الممنوح والشعارات الكاذبة، فقط لربح الوقت ودر الرماد في العيون. أما الواقع، فيكذب كل التفاهات ويفضح كل المسرحيات المبكية. كلنا يعرف المتورطين في الفساد الاقتصادي والمالي والمستفيدين منه؛ وكلنا يعرف أسماء المجرمين الضالعين في صنع معاناتنا.
وماذا بعد؟ هل تنطبق علينا مقولة "لا حياة لمن تنادي"..
في جميع الأحوال، لا ننادي النظام، ولا ننادي أزلام النظام من قوى سياسية وقيادات نقابية وجمعوية متواطئة.. فهذه الأطراف لا يمكن أن تكون في نفس الآن "خصما" (عدوا) و"حكما".. إننا ننادي أبناء شعبنا المخلصين، وفي مقدمتهم المناضلين المبدئيين الصامدين..
لتكن نهاية سنة 2017 وبداية سنة 2018 محطة تأمل نضالي للرجوع الى الذات وتقييم إنجازاتها ورصد أخطائها، وبالتالي بلورة أرضية وآفاق الفعل النضالي الذي من شأنه المساهمة الفعالة في تقدم نضال شعبنا..
وإذ نفتخر بتفاؤلنا الدائم كمناضلين، لا نخفي من حين الى آخر (لحظات ضعف) تشاؤمنا. ومصدر هذا التشاؤم (وليس النكوص أو التخاذل أو الانهزام) هو غياب (حتى الآن) الجهة السياسية المناضلة التي يمكن أن ترجع البسمة لشعبنا وتقوي إرادته وتغذي فيه الأمل، أي الجهة القادرة على الوقوف أمام زحف النظام على اليابس والأخضر من مكتسباتنا وأمام إمعانه في إذلالنا، وبالتالي تحرير بعض المساحات من قبضة النظام لتكون القاعدة الخلفية لتقدم نضالات شعبنا؛
ومصدر قلقنا أيضا هو الوضع الدولي الذي يكرس هيمنة الامبريالية والصهيونية والرجعية، بل العبث بمصالح الشعوب المضطهدة بشكل غير مسبوق. وحال الشعب الفلسطيني مثال معبر عن مأساوية الوضع الإقليمي والدولي. وكلما استمر الوضع الدولي في هذا المنحى كلما ضاق الخناق على الشعوب المضطهدة ومن بينها الشعب المغربي، وكلما تضاعفت التحديات أمام المناضلين الثوريين..
لنرفع التحدي رغم كل الصعاب؛
لنتشبث بالأمل رغم كل أساليب التيئيس والترهيب...
لتكن سنة 2018 محطة تجديد العهد، عهد الشهداء.. ولتكن أرضية تقدمنا النضالي على المستوى الذاتي والموضوعي...
ملاحظة: صورة من انتفاضة الحسيمة وأخرى من انتفاضة جرادة... وماذا عن الآتي؟
شارك هذا الموضوع على: ↓