2018/01/28

حسن أحراث// نحن سجناء الماضي...أين الماضي؟ وماذا عن الحاضر والمستقبل؟

الماضي قائم دائما بسلبياته وإيجابياته. قد يشوبه التحريف والتزوير والإقبار،
لكن من بين مسؤوليات المناضل (إحدى ميزات المناضل حقيقة) العمل على إبراز الحقيقة التاريخية كما هي، وبالتالي فضح الطفيليات العالقة بها وأيضا المتورطين في طمسها وإخفائها؛ وتلك بداية رسم معالم الحاضر والمستقبل. فالحديث عن الماضي دون تدقيق يبقى حديثا فضفاضا؛ فقط، يصح دائما القول: "من لا ماضي له لا حاضر ولا مستقبل له".
وللتدقيق أكثر، فحديثي عن الماضي، ينطلق من علاقته بالحاضر والمستقبل، ويتوخى إثارة جدوى التباهي بالماضي في ظل حاضر مأساوي، وفي نفس الوقت التطلع الى المستقبل الجميل.
كل المناضلين يتباهون بالماضي، فقط المرتدون يتنكرون له. كذلك، كل الشعوب المضطهدة تتباهى بالماضي، ماضيها الزاهر. والمقصود طبعا، الماضي الإيجابي من منظورها الخاص. إنه أمر عادي ومطلوب، لأنه الأرضية التي يقف عليها الحاضر والمستقبل. 
لكن، ألم ينتبه المناضلون وكذلك الشعوب الى أن الماضي يتكرر ببشاعة، وخاصة صور الماضي البئيسة؟
حصلت انتفاضات شعبية قوية واحتجاجات مزلزلة (إضرابات ووقفات ومسيرات...)؛ قدمت تضحيات غالية وبطولات خالدة... 
لكن، ماذا بعد؟
لا شيء في مستوى التطلعات والانتظارات!!
لا شيء في مستوى إنجاز التحرر والانعتاق من مخالب القهر الطبقي. 
واليوم أيضا، أين انتفاضة الريف (الحسيمة وإمزورن...)؟
واليوم أيضا، أين انتفاضة زاكورة؟
واليوم أيضا أين انتفاضة جرادة؟
واليوم أيضا، أين، وأين، وأين...؟
لا أقصد المهرجانات والاحتفالات باسم الجماهير الشعبية أو باسم النضال...
لقد صار كل ذلك ماضيا، فكما انتفاضة الريف (1958/1959) وانتفاضة الدار البيضاء (1965) وانتفاضة أولاد خليفة (1972) وانتفاضة الدار البيضاء (1981) وانتفاضة المغرب (1984)... وعبر انتفاضة 20 فبراير (2011) والى انتفاضة جرادة.
بالفعل، هناك التراكم النضالي.. هناك الدروس النضالية التي لا تنتهي.. هناك التجربة والحنكة والخبرة.. هناك كل ما "يدغدغ" العواطف... هناك كل ما يطمئن الذات المريضة ويقنعها بواقع حالها...
لكن، رغم ذلك، ألم ينتبه المناضلون وكذلك الشعوب الى أن الماضي يتكرر ببشاعة؟
ألم ينتبهوا الى عامل الوقت/الزمن؟
ألم ينتبهوا الى عيون الشهداء؟
ألم ينتبهوا الى دموع الأبرياء من أطفال وأمهات الشهداء والمعتقلين السياسيين؟
ألم ينتبهوا الى صمود المناضلين (شهداء ومعتقلين سياسيين ومشردين...) وعائلاتهم؟
ألم ينتبهوا الى الملاحم تلو الملاحم التي تغذي الصراع الطبقي؟
ألم ينتبهوا الى نقط الضعف القاتلة؟
ألم ينتبهوا الى الاستنزاف الفادح الذي يطال الجسم المناضل في صفوف الحركة الطلابية وحركة المعطلين والطبقة العاملة والفلاحين الفقراء...؟
ألم ينتبهوا الى الخيانات بالأسماء المستعارة والأسماء الحقيقية؟
ألم ينتبهوا الى التواطؤ الطبقي المكشوف من طرف الأحزاب والنقابات والتيارات والجمعيات والأفراد؟
ألم ينتبهوا الى الجبناء الذين يفترون على الواقع ويمارسون هواية "التنقل" من مزبلة الى أخرى؟
ألم ينتبهوا الى الجبناء الذيم ينفذون حرفيا التعليمات...
ألم ينتبهوا الى التيه القاتل داخل الدوائر المغلقة؟
ألم ينتبهوا الى غياب الديمقراطية، حتى في صفوف من يطالب بالديمقراطية؟
ألم ينتبهوا الى غياب الإنصاف، حتى في صفوف من يطالب بالإنصاف؟
ألم ينتبهوا الى غياب الحقيقة، حتى في صفوف من يطالب بالحقيقة؟
ألم ينتبهوا الى غياب الشفافية والمحاسبة، حتى في صفوف من يطالب بالشفافية والمحاسبة؟
ألم ينتبهوا الى أننا سجناء الماضي؟
متى نتحرر من الماضي ومن أساطير الماضي...؟
ماذا عن نقط قوتنا؟
متى نصنع الحاضر والمستقبل؟
متى ننتظم؟
ما العمل والحال هذه؟
أولا، الصراع الطبقي يتفاقم، وسيزداد تفاقما في ظل المخططات الطبقية المملاة من طرف الإمبريالية، من خلال صندوق النقد الدولي والبنك العالمي؛
ثانيا، الانتفاضات الشعبية ستولد من رحم الاستغلال والاضطهاد الطبقيين، وكذلك تضحيات وبطولات بنات وأبناء شعبنا. وكذلك نساء ورجال المطافئ (جنود النظام الظاهرة والمستترة) ستتكاثر، وأيضا أحزاب الذل وجمعيات التملق والاستجداء ونقابات العار... والخطير أن نقابات (أقصد قيادات) العار تقف على أكتاف المناضلين... إنها مسؤولية المناضلين النقابيين بدون لف أو دوران..
سنوات وسنوات والقيادات النقابية تمارس تواطؤها المفضوح (وحتى اليوم)، وسنوات وسنوات والطبقة العاملة ترزح تحت نير الاستغلال (وحتى اليوم)، ما هو يا ترى دور المناضلين النقابيين، خاصة في صفوف الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل؟
كفى من التبرير!! ولنقم بالواجب النضالي، والذي ليس أقله القيام بفضح (ولم لا مقاطعة) القيادات النقابية المتورطة في كل المآسي التي تطال الطبقة العاملة...
ألا يخجل من يسوق أوهام القيادات النقابية البيروقراطية؟ يدعون معارضة النظام، وفي نفس الوقت يعانقون أزلامه!! 
ثالثا، القمع سيتواصل وكذلك إجرام النظام، وسيرتفع عدد المعتقلين السياسيين والشهداء والمشردين... وسيدرك الجميع أن سقف الحرية محدود وكذلك هامش الديمقراطية، وأن حقوق الإنسان "كما هي متعارف عليها دوليا" در للرماد في العيون وأن "الإنصاف والمصالحة" أكذوبة تاريخية... 
ما العمل والحال هذه؟
جمع شتات المناضلين الحقيقيين وتنظيمهم دون الاختباء الذاتي، بل المرضي (MALADIF)، وراء زعماء الماضي، سواء ماركس أو انجلز أو لينين أو ستالين... إن قضية شعبنا واحدة، ولا تحتاج راهنا الى كل هذه "الطوائف" الغارقة في ظلمات الذاتية المفرطة وفي دهاليز وأصنام صنعتها لأنفسها بأنفسها.
فلا غيفارا ولا ماو ولا لينين ولا عبد الكريم الخطابي ولا زروال ولا سعيدة...، ولا غيرهم من الرموز التي ساهمت في صنع تاريخ شعوبها وأسست أرضية تحررها وانعتاقها يرضون لنا هذا الوضع الذاتي البئيس؛ ولا يرضون بالافتراء عليهم أو ركوب تجاربهم للتباهي والمزايدة...
ومن مسؤولية مناضلي الحاضر تشريف هؤلاء الرموز، ليس بالضرورة باقتفاء أثرهم الحرفي أو المبتذل أو بفرض أسلوبهم عبر حكاية "طارت معزة"، بل بالاجتهادات التي تقتضيها المرحلة في ظل واقع الصراع الطبقي وعلى قاعدة التحليل الملموس للواقع الملموس، والنقد والنقد الذاتي.
الوفاء النضالي للتاريخ وللمرجعية السياسية والإيديولوجية مطلوب، بل ضروري، وكذلك للبرنامج المنبثق من واقع الحال والمنسجم مع المرجعية. فلا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية، كما علمنا/تعلمنا من قادة الثورة التاريخيين... 
إنه نقدنا الذاتي.. إنه نقدنا الذاتي تحت عنوان "نحن سجناء الماضي"...




شارك هذا الموضوع على: ↓




↓للتعليق على الموضوع
تعليقات
1 تعليقات

1 التعليقات:

  1. تحية الصمود والتحدي.
    فلنعمل على صناعة التاريخ وليس التغني به او التباكي عليه.تحياتي

    ردحذف

رسالة أقدم الصفحة الرئيسية