مرة أخرى تخلق القيادة البيروقراطية للمركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل
وبيروقراطيات جامعاتها الوطنية الحدث/المهزلة، وتضع نفسها في مأزق وأمام فضيحة جديدة، بارتجال قرارات متناقضة بين هياكلها الوطنية وهياكلها الجهوية والإقليمية والمحلية، بشأن الدعوة والمشاركة في الاضراب العام الوحدوي ليوم الاربعاء 20 فبراير 2019، والذي دعت إليه الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل والجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي. فبعد إعلان التنسيق الذي يقوده الاتحاد المغربي للشغل قرار الإضراب ليومي 22 و23 فبراير الجاري، في قطاع التربية والتكوين مرفقا بوقفة أمام مقر الوزارة، وفي ظرف لا يتجاوز 24 ساعة، أعلنت المكاتب المحلية والإقليمية والجهوية للاتحاد المغربي للشغل، بيانات ونداءات المشاركة في الإضراب الوحدوي ليوم الاربعاء 20 فبراير.
1) لماذا نتوجه بالقول نحو الاتحاد المغربي للشغل؟
لا شك أن نقابة الاتحاد المغربي يمكن اعتبارها نقابة تاريخية ويمكن وصفها بأم النقابات المغربية ومركز ثقل الحركة النقابية المغربية. ولا داعي للتذكير بالأعداد الغفيرة لمنخرطيها ومكاتبها وحجم وسائلها المادية واللوجستية، وكذا تغطيتها الواسعة بكل القطاعات، سواء بالوظيفة العمومية أو بالقطاع الخاص، لكن رغم كل هذه القوة التنظيمية،
لماذا يكرس الاتحاد المغربي للشغل تشرذم العمل النقابي؟ لماذا يكرس شق صف الحركة النقابية والاصطفاف إلى جانب أعداء الطبقة العاملة والشغيلة المغربية؟ لماذا لا يقود الاتحاد المغربي للشغل مسيرة الوحدة النقابية والنضالية لإنجاز أدوارها في تحسين شروط ووضع الطبقة العاملة وعموم الشغيلة؟ وللتوضيح والتدقيق، فلا يعني الأمر أن النقابات الأخرى التي دعت الى "المسيرة الموحدة" ذات قيادات ديمقراطية وتدبير ديمقراطي. فالبيروقراطية متغلغلة وبدرجات في كل نقاباتنا، وتعد من بين الأمراض التي تعيق تطور العمل النقابي المكافح...
هي طبعا أسئلة بأجوبة مكشوفة، وتحاول استفزاز الواقع الكارثي الذي أصبح الاتحاد المغربي للشغل يعيشه، في ظل قيادات بيروقراطية فاسدة منبطحة وعميلة عبرت عن إرادة النظام القائم في طمس الطابع السياسي والنضالي لإضراب 20 فبراير ولرمزية التاريخ ودلالته العميقة في وجدان الشعب المغربي ومناضليه المخلصين لقضاياه، وإزالة الحدث والتاريخ من الذاكرة الجماعية لنضالات الشعب المغربي. إن الإضراب في يوم 20 فبراير يحمل دلالة سياسية لا يمكن طمسها، ففيه تتقاطع نضالات الطبقة العاملة وحركتها النقابية الديمقراطية ونضالات الجماهير الشعبية الكادحة وتنظيماتها الصامدة والمناضلة. ولا يخفى على الجميع أن انتفاضة 20 فبراير قدمت شهداء ومعتقلين سياسيين ولا زالت مستمرة في الزمان والمكان. وما انتفاضة تازة والريف والحسيمة وجرادة وزاكورة وأوطاط الحاج وتاماسينت ... إلا شكلا من أشكال استمرار انتفاضة 20 فبراير المجيدة...
ولا يزال يقبع في السجون الرجعية مئات المعتقلين السياسيين المحكوم عليهم بقرون من السجن، ومنهم معتقلي الطبقة العاملة بجرادة، معتقلي الحركة الطلابية، معتقلي الانتفاضات الجماهيرية الشعبية؛ كل هذا فرض على القيادة البيروقراطية للاتحاد المغربي للشغل، قراءة الإضراب العام ل 20 فبراير قراءة رجعية والتعبير عن عدم الالتحاق كنتيجة لهذه القراءة التي تعكس قراءة النظام القائم بامتياز ...
2) قرار القواعد والمكاتب المحلية والإقليمية والجهوية الانخراط في إضراب
وطني في 20 فبراير: هل يمكن أن يشكل نقطة تحول؟
لا شك أن قرار القواعد والمكاتب المحلية والاقليمية والجهوية الانخراط في إضراب 20 فبراير شكل ضربة موجعة وصفعة على وجه البيروقراطية المنبطحة وتعبيرا عن وجود إمكانية لعزلها، ومن تم إسقاطها بضغط ونضال القاعدة المنخرطة في النضالات العمالية والجماهيرية الآنية والاستراتيجية.
حدث القرار المشرف لمكاتب القاعدة المناضلة بالاتحاد (على الأقل في التعليم) لن يكون عابرا، وسيكون له ما بعده. ويكفي (على الأقل لحدود الآن) أنه قام وبشكل تنظيمي بعزل وفضح القرار الخياني للقيادة البيروقراطية وكشف أدوارها في كبح المعارك النضالية للجماهير الشعبية والطبقة العاملة وطمس تاريخ نضالاتها المشرقة وفي مقدمتها انتفاضة 20 فبراير المجيدة.
الأمل الذي بعثت به هذه الحركة التصحيحية لقرار وموعد الإضراب، ليس مرتبطا بتغيير رقم بآخر، وليس محض رغبة في الالتحاق بذيل المعركة، بل فيه رسالة واضحة المعالم حول المكنونات التي تزخر بها القواعد المناضلة بالاتحاد وتحديدا بالقطاع الصناعي والزراعي، ولما تستطيع صنعه في سبيل عزل وإسقاط القيادة البيروقراطية العميلة، وفرز قيادة عمالية منبثقة من صلب الطبقة العاملة وحلفائها الموضوعيين، لقيادة الاتحاد.
بإمكان هذه الحركة النضالية المنبثقة أن تشيد منصة لانطلاق عمل نضالي تصعيدي استراتيجي من شأنه عزل وإسقاط القيادة البيروقراطية العميلة ونسف التنسيق الذي يقوده الاتحاد المغربي للشغل مستندة في ذلك الى قوته التنظيمية وتغطيته الواسعة الى جانب حزامه النقابي، المتمثل في نقابتي حزبي العدالة والتنمية والاستقلال الرجعيين، المفصولتين عن حقيقة الواقع، لكنهما يسندان الى صدارة الواجهة السياسية ...
وبإمكان هذه الحركة النضالية شق هذا التنسيق وتحويله لقوة إضافية للحركة النقابية الديمقراطية المناضلة ضد الرأسمالية والرجعية الحاكمتين اقتصاديا وايدولوجيا...
3) ماذا بعد 20 فبراير؟ وما الذي يمكن أن يضيفه التحاق جامعات الاتحاد المغربي للشغل بالإضراب وبالمسيرة الممركزة؟
الأكيد والأكيد جدا، والتاريخ يثبت أنه لا إضراب عام ليوم واحد كاف ولا مسيرة ممركزة واحدة كافية لصد حجم هجوم النظام على كل المكتسبات التي تم تشييدها بالنضالات والتضحيات الجسيمة والجبارة للشعب المغربي وتنظيماته المناضلة.
التاريخ سجل أن النداء والدعوة إلى إضراب يوم واحد وحتى لمسيرة وطنية ليوم واحد يجعل من المحطة مجرد استعراض واحتفال وفرجة والتقاط صور واستنزاف جهد وطاقة دون طائل ومحاولة احتواء وامتصاص براكين الغضب وتفجيرها في لحظة وجيزة عبر تكرار نفس الأشكال الرتيبة غير الفعالة، والتي لا تترك أي أثر ولا أي ضغط على الأساس المادي للنظام القائم، أي الاقتصاد ودواليبه. لنتساءل: ما هو الأثر الذي يحدثه إضراب يوم واحد وحتى مسيرة واحدة على الاقتصاد؟ هل الإضراب يستهدف دواليب وعجلات الاقتصاد؟ هل الإضراب يحدث شلل مواقع الانتاج؟ مواقع التوزيع؟ هل الإضراب يستهدف مواقع القرارت/تنفيذ القرارات الاقتصادية والسياسية؟ هل العمل النضالي وحدوي ومتواصل وتصعيدي ويستهدف المواقع التي ذكرنا؟ لا شيء من هذا حدث على الأقل لحد الآن... الذي يشفع لكل هذا، في هذه الحالة هو تاريخ 20 فبراير، فهذا التاريخ لوحده كاف لكي نستمر في إنجاز واجباتنا النضالية تجاه قضية الشهداء والمعتقلين السياسيين، تجاه قضية الطبقة العاملة، تجاه المبدأ والموقف.
إن الظرفية الراهنة بالنسبة لشغيلة التعليم تكشف عن توفرها على العديد من الإمكانات للدفع بالشروط الذاتية لكي تنضج أكثر ولكي تتفاعل أكثر مع الشروط الموضوعية الناضجة، عبر التنظيم والوحدة النضالية الى جانب كل أشكال التنظيم الأخرى (تنسيقيات، تجمعات، مجموعات، جمعيات...) على أرضية برنامج وملفات مطلبية تكون بمثابة وقود معركة وطنية موحدة مفتوحة طويلة النفس، لإسقاط كل مخططات النظام الطبقية المعدة لتدمير منظومة الوظيفة العمومية والمدرسة العمومية والتنظيم النقابي ...ونجد أنفسنا مضطرين مرة أخرى للتنبيه من خطورة منزلق "الانتهازية". فالكثير من الفئات تنخرط في الدينامية الراهنة فقط من أجل إيجاد حلول لوضعيتها الخاصة. فلن ننخدع للأوهام، ولنبن طموحاتنا على أرضية صلبة وخصبة لتجاوز دوامة الفشل والانتكاسات؛ ودون إغفال الحاجة الى الأداة السياسية المناضلة، المنظمة والمؤطرة لكافة النضالات وفي كافة القطاعات...
4) إلى القواعد النقابية المناضلة
لقد آن الأوان لكي تتحمل القواعد النقابية المناضلة مسئوليتها التاريخية وتعبر بصريح القول وبجرأة الفعل عن تبني معركة وطنية مفتوحة طويلة النفس كرد استراتيجي على الهجوم الطبقي لكل المكتسبات التي تنهار كأحجار الدومينو واستثمار كل أشكال العمل النضالي الوحدوي والدفع بها نحو تبني شعار المعركة الوطنية الموحدة المفتوحة طويلة النفس، معارك وطنية نضالية موحدة في الزمن وممركزة في المكان واستراتيجية الأفق لإسقاط كل المخططات الطبقية...
بقلم، مناضل نقابي
شارك هذا الموضوع على: ↓