04‏/07‏/2019

محسن أمين// اختراق "اسرائيل" افريقيا: التطبيع منظومة التجسس ـ ديبلوماسية السلاح ـ التطور التكنولوجي كلها أدوات الاختراق.

قبل البدء أريد أن أشير الى أن ما يسمى بورشة العار أو مؤتمر الخيانة وهو أقل وصف يمكن إطلاقه على ما يسمى المؤتمر الذي أقيم يومي 25 و26 يونيو 2019 في البحرين تحت مسمى "السلام من أجل الازدهار" ستبقى كخطوة جوفاء لا تساوي حتى حجم الحبر الذي دونت به.

الإدانة كل الإدانة للذين يهرولون من أجل انعقاد وتنظيم وإنجاح ما يسمى صفقة القرن من أنظمة عميلة وجمعيات وأحزاب وكل القوى التي تتهافت للتطبيع مع الكيان الصهيوني تحت مبررات وهمية مغلوطة، الهدف منها قبر القضية الفلسطينية ومعانقة العدو وقلب المعادلة لصالح الكيان الصهيوني. إن المشارك بشكل مباشر أو غير مباشر فيما يسمى مؤتمر البحرين هو في آخر المطاف عميل وخائن للقضية الفلسطينية ولكل الشهداء الذين استشهدوا من أجل هاته القضية، فاعتناقهم التطبيع مع العدو ليس مجرد صدفة أو زلة أو... أو...، بل هو موقف اعتنقوه وتبنوه على مدى تاريخهم الأسود المليء بالتواطؤات والخيانة والذي يخدم مصالح الأنظمة الرجعية منها بالفعل بتوجيهات من الامبريالية الامريكية، العدو اللدود للبشرية جمعاء.                                          .
أولا التطبيع يعني جعل ما هو غير طبيعي طبيعياً، ولا يعني بالضرورة إعادة الأمور إلى طبيعتها كما يذهب البعض. وفي علم الإحصاء وقواعد البيانات ثمة مصطلح علمي هو “تطبيع البيانات”، بمعنى جعل البيانات الإحصائية أكثر قابلية للاستخدام في البرمجة والتحليل مما هي في حالتها الخام قبل تطبيعها. بالتالي، لا ضرورة للإصرار على استخدام مقاومة الصهينة بدلاً من مقاومة التطبيع، باعتبار التطبيع يمثل "عودة مزعومة لوضعٍ معين كان يوماً ما طبيعياً"، كما يذهب البعض بكل حسن نية.  فالتطبيع هو جعل العلاقات طبيعية بين طرفين ليست العلاقات بينهما طبيعية حالياً، سواء كانت طبيعية سابقاً أم لا… ولا حرج بالتالي من إطلاق تعبير "مقاومة التطبيع" على من يقاومون جعل العلاقات طبيعية بيننا وبين الكيان الصهيوني.                                                                      
فالتطبيع نهج وأداء وعقلية جوهره كسر حاجز العداء مع العدو الصهيوني بأشكال مختلفة، سواء كانت ثقافية أو إعلامية أو سياسية أو اقتصادية أو سياحية أو دينية أو أمنية أو استراتيجية أو غيرها.
لكن بغض النظر عن الشكل، فإن فحوى التطبيع مع العدو الصهيوني يبقى واحداً، وهو جعل الوجود اليهودي في فلسطين أمراً طبيعياً، وبالتالي فإن أي عمل أو قول أو صمت أو تقاعس يؤدي إلى التعامل مع الوجود اليهودي في فلسطين كأمر طبيعي يحمل في طياته معنىً تطبيعيا.                          
وهنا ندخل في صراع مبدئي فوراً مع من لا يرى في التواجد اليهودي في فلسطين مشكلة، متجاهلاً أنه احتلال وأنه يمثل التجسيد الديموغرافي للفكرة الصهيونية في فلسطين، فتراه يعترف به، وبكل حماسة، تحت ستار مقولات مخترقة تطبيعياً بالتعريف مثل مقولة "الدويلة الفلسطينية" والدولة الواحدة "وقرارات الشرعية الدولية" وما شابه ذلك، لأنها مقولات تتضمن قبولاً إما بالتواجد اليهودي في فلسطين، وإما بدولة "إسرائيل"، بشكلها الحالي، أو كدولة من المطلوب إصلاحها ديموقراطياً وسلمياً من الداخل.                                                                                          
إذن جوهر التطبيع هو كسر حاجز العداء مع الكيان الصهيوني بهدف جعل الاحتلال الاستيطاني في فلسطين أمراً طبيعياً أو مقبولاً أو عاديا. 
ثانياً: تطبيع ثقافي أم هيمنة؟ سبق أن تناولت مفهوم التطبيع بشكل عام، غير أن مفهوم التطبيع الثقافي يحتاج إلى وقفة متأنية بحد ذاته.  فالتطبيع، إن كان يعني إقامة علاقات طبيعية بين دولتين متعاديتين أو غير متعاديتين، فإنه لا يفترض أبداً تدخل إحداهما في وسائل إعلام الدولة الأخرى وخطب الجمعة والمناهج الدراسية والإنتاج الفني والأدبي، كما تحاول "إسرائيل" العدو الصهيوني أن تفرض في علاقتها مع الدول "العربية" التي تطبع علاقاتها معها، وكما تنص المعاهدات المعقودة مع العدو الصهيوني.                                                                                  
فإذا كان هذا معنى التطبيع الثقافي كما يفهمه العدو الصهيوني، فإن مشروع الهيمنة الثقافية الصهيونية على المحيط، أي مشروع فرض الرواية والرؤية والراية الصهيونية على عقول الشعوب وقلوبهم بات يقتضي:                          
1- تذليل العقبات الثقافية، أما تقبل الهيمنة الصهيونية والتواجد في فلسطين، أي التغلب على المقاومة؛
2- إعادة تشكيل المنطقة ثقافياً كوعاء قادر على تعزيز عناصر قوة المشروع الصهيوني، أي التغلب على المقاومة والممانعة الثقافية؛                                                                         
أما تحقيق هذين الهدفين الاستراتيجيين فيقتضي:                                                        
- شطب هوية المنطقة بأكملها                                                                        
-  نسف ثقافة أبناء المنطقة وتفكيكها، وهو المشروع الذي تشارك فيه الإمبريالية أيضاً من خلال وسائل الإعلام المعربة ومنظمات التمويل الأجنبي.                                                                              
التطبيع الثقافي والإعلامي حجر زاوية في الاستراتيجية الصهيونية، وبند رئيسي دائم على رأس أجندة المفاوضين الصهاينة والوسطاء الغربيين. لكن ذلك لا يجوز أن يفهم منه أنهم يقصدون علاقات ثقافية طبيعية أو متكافئة كما قد يوحي المصطلح حتى لو تجاوزنا كل تحفظاتنا المبدئية عليه، إذ أن لدى الصهاينة منطلقاتهم الثقافية وتكوينهم الذي يمنعهم من التطبيع معنا حتى وهم يطالبوننا بالتطبيع معهم. المقصود بالتطبيع الثقافي إذن هو فتح أبواب العقول والقلوب التي تحاصر القلعة الصهيونية لكي تتمكن
 “إسرائيل" من الهيمنة وتنفيذ المخططات والمؤامرات الامبريالية والصهيونية والرجعية...

في 30/06/2019





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق