2019/10/13

حسن أحراث // الشهيد رحال جبيهة: رحيل نحو الشموخ... 40 سنة عن رحيلك القسري يا رحال

كل الشهداء شامخون. كل الشهداء مناهل تلهمنا وتزودنا بجرعات الوفاء والصدق
والإخلاص لقضية شعبنا. كل الشهداء حاضرون فينا ومن خلالنا. لنكن في مستوى تطلعات من ضحوا من أجل قضيتنا ومن أجلنا.. لنواصل معركتهم من أجل الحياة الكريمة لكافة الجماهير الشعبية المكافحة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة. إن ذاكرتنا نافدة مفتوحة أمام الشهداء ليتابعوا نضالات وتضحيات شعبهم ورفاقهم. لنحافظ على هذه النافذة مفتوحة ومشرقة ليستمر التواصل وليتجدد العهد...
التحق رحال ابن مدينة قلعة السراغنة سنة 1948 بالنضال العمالي سنة 1970 بمعمل "كارنو" بمدينة الدار البيضاء. اعتقل لعدة مرات، كان آخرها سنة 1974 في إطار الاعتقالات الواسعة التي شملت مناضلي الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وصدر في حقه سنة 1977 حكم قاس بلغ 30 سنة سجنا نافذا (زائد سنتين)..
استشهد رحال في 13 أكتوبر 1979 رافعا التحدي ومواجها شراسة القمع، ومعلنا ميلاده الصارخ في وجه الخنوع والاستسلام لجبروت النظام.
رفض الركون الى صمت الزنازن الصدئة والروتين المميت...
استشهد رحال لنحيا، شعبا وقضية، كما استشهد مناضلون من قبل ومن بعد..
نحن الشهداء والشهداء نحن.. نحن الذات المناضلة الواحدة في خدمة القضية الواحدة..
للشهيد رحال كل المجد والخلود ولعائلته كل التحية والتقدير..
أستأذن الشهيد لأتحدث عن وقائع تستحق الذكر:
سنة 1991، سنة مغادرتي السجن، وأنا بمنزل بالدار البيضاء تدبرت لي أمره السيدة سوزان (رفقته لقطة عن هذه السيدة)، وبمناسبة تخليد عائلة الشهيد رحال ذكرى استشهاده، توصلت ليلا عن طريق الرفيق العزيز عبد السلام الفيغة (معذرة رفيقي عن هذا البوح دون استئذانك) بصورة للشهيد رحال (أحتفظ بها حتى الآن) ومساهمة مالية وعلبة حلوى وتحية من عائلة الشهيد في شخص أخيه عمر. وبالمناسبة، كل الشكر لأخ الشهيد عمر ولهذه العائلة المحترمة. وللإشارة، فالرفيق عبد السلام كان يقطن ذلك المنزل، وإقامتي بهذا الأخير كانت مؤقتة وفقط من أجل متابعة العلاج بالمستشفى الجامعي ابن رشد (موريزكو). وأغتنم الفرصة لأشكر الرفيق عبد السلام على كرم ضيافته وكذلك شخص آخر كريم كان يقطن نفس المنزل (أحتفظ حتى الآن بتذكار أهداه لي حينه).. كانت بحق رفقة طيبة...
فيما يلي لقطة عن السيدة سوزان ولقطة ثانية عن الأستاذة حكيمة حميش مشكورة لصلتها بموضوع العلاج، ولقطة ثالثة عن منظمة فرنسية ساهمت بدورها في مارطون العلاج:

لقطة رقم 1: سوزان وغي مارتنيز

لا يخفى ما يعانيه المعتقل السياسي بعد إطلاق سراحه من معاناة، خاصة إذا كانت ظروف عائلته صعبة وغير مريحة ولم تلتفت نحوه عيون هذه الجهة "السخية" أو تلك. فقد يجد نفسه منذ الوهلة الأولى معنيا بتدبير شؤونه وحتى شؤون عائلته في بعض الحالات.
ووعيا منها بهذه المحنة وفرت منظمة "EREINE" الألمانية من خلال فرعها بالمغرب
ومنذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي منحة شهرية تقدر بخمسمئة (500.00) درهم شهريا لأعداد كبيرة من ضحايا القمع السياسي، وذلك الى حين اندماجهم في المجتمع وعلى مدى لا يزيد عن السنتين. إنها مبادرة طيبة خلصت الكثيرين من مخالب محنة ما بعد الاعتقال، وكانت المسؤولة عنها هي السيدة الاسكتلندية سوزان زوجة السيد غي مارتينيز.
ولأن العلاقات بين ضحايا القمع السياسي لم تكن دائما جيدة، فالكثير منهم لم يكن على علم بالمبادرة، حيث انحصر التعريف بها في دائرة محدودة محكومة بالولاءات. بالنسبة لي تعرفت على سوزان وزوجها من خلال المعتقل السياسي السابق الرفيق عبد الإله بنعبد السلام، أحد مضربي الرباط في إطار المعركة التي استشهد إبانها المناضل عبد الحق شبادة، لقد رافقني الى منزلهما، وفي نفس اليوم رافقني الى بيت الشهيد عبد الحق شبادة وكان أول لقاء لي بأمنا رقية، أم الشهيد. وبعد وضعهما في إطار المحنة التي عشناها اتصلا بمسؤولي المنظمة مركزيا وتم تبني حالتي وحالة الرفيق نور الدين جوهاري من حيث متابعة العلاج وتوفير كافة الأدوية المطلوبة. وتجدر الإشارة الى أن السيد غي مارتينيز الحامل للجنسيتين الفرنسية والمغربية يعتبر أحد الشخصيات ضمن 77 شخصية التي وقعت على رسالة كانت موجهة الى أحد المقيمين العامين في الخمسينات تضامنا مع الوطنيين المغاربة وتنديدا بالسياسة الفرنسية القمعية بالمغرب، كما يعتبر واحدا من بين المهتمين بالتاريخ المغربي، وبالمناسبة فقد سلمني كتابا نادرا ساقنا الحديث عن الصراع الدموي بين الاستقلاليين والشوريين في الخمسينات الى الإشارة إليه، وهو كتاب بعنوان "دار بريشة الثانية"، (لا يوجد بالسوق) لصاحبه عبد الله الرداد، هذا الأخير سبق أن أهداه الى السيد مارتينيز.
إضافة: توفي السيد غي مارتينيز وأجهل مصير السيدة سوزان..

لقطة رقم 2: الأستاذة حكيمة حميش

أول ما نطقت به الأستاذة حكيمة حميش C’est miraculeux" عند استقبالها لنا، نور الدين جوهاري وأنا، بمكتبها بمستشفى ابن رشد صحبة ماري جوزيف، فرنسية متطوعة بالجناح 40 الذي تشرف عليه الأستاذة حميش، وهو جناح خاص بالأمراض التعفنية. وكان مصدر مفاجأتها هو الحالة التي كنا عليها حينه، فلم تتصور أن نكون على تلك الحال بالنظر الى الوضعية التي مررنا منها سابقا. وقد حكت لنا بالمناسبة عن عتابها لوزير الصحة آنذاك بن الشيخ بسبب سكوته على وضع المضربين عن الطعام غير المقبول، وعن اعترافه أن المسؤول عن تلك الوضعية هو وزارة الداخلية. أين مسؤولية وزارة العدل إذن ووزارة الصحة؟
ومنذ ذلك الحين والأستاذة حميش تتتابع عن كثب مسلسل علاجنا، وأكثر من ذلك فقد كلفت السيدة ماري جوزيف بمرافقتنا في جميع خطواتنا بالمستشفى. وقد كان لها الفضل الكبير في تحسن وضعنا الصحي وفي الرفع من معنوياتنا في ظل الوضع الجديد، أي ما بعد السجن.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فقط، لقد أتاحت لنا فرصة الاقتراب من الجمعية المغربية لمحاربة السيدا للاستفادة من ترجمة بعض نشراتها...
إضافة: قد تكون السيدة ماري جوزيف فارقت الحياة، نظرا لسنها المتقدم في تلك الفترة.

لقطة رقم 3: جمعية ضحايا القمع بالخارج "AVRE"

من جانبها ساهمت جمعية ضحايا القمع بالخارج "AVRE" (جمعية فرنسية) الى جانبنا وإلى جانب عائلاتنا بشكل كبير إبان اعتقالنا وبعده. وكان للسيدة ماري هلين القدر الأكبر في متابعتها لحالتنا وعن قرب من خلال الزيارات التي قامت بها الى المغرب رغم المضايقات والاستفزازات البوليسية.
مرة بمدينة مراكش، زرت أحد "ميكانيكيي" الأسنان نظرا لألم حاد ألم بي، فطلب مني العودة بعد يوم أو يوميين حتى يتراجع الانتفاخ البارز مكان الألم. ولما عدت الى البيت وجدت رسالة من السيدة هلين تخبرني بإمكانية علاج أسناني أنا ونور الدين جوهاري على حساب الجمعية، حيث كان يكفي أن نذهب عند السيد محمد مجيد المسؤول حينذاك لدى المفوضية السامية للاجئين ليحيلنا على أحد الأطباء لتحديد الفاتورة والخضوع للعلاج مباشرة. إلا أننا ارتأينا بتوصية من السيدة ماري جوزيف زيارة السيدة نادية، طبيبة أسنان بالدار البيضاء، فسلمتنا هذه الأخيرة فاتورة مناسبة جدا وقمنا بعد ذلك بتسليمها الى السيد مجيد الذي قام بدوره بإرسالها الى الجمعية. وكان علاجا موفقا. للسيدة نادية ألف تحية وألف شكر.
إضافة: زارتنا السيدة هلين فيما بعد بمراكش وزرتها بدوري بفرنسا. أصدرت كتابا حول تجربتها ومجموعتنا، مجموعة مراكش 1984.

إضافة عامة: اللقطات المعتمدة بتصرف منشورة بكتاب لي صادر سنة 2006 بعنوان "مجموعة مراكش.. انتفاضة يناير 1984 الخالدة.. معركة الشهيدين بلهواري والدريدي".



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق