انتهى زمن المناضل الرمز، دون أن ينتهي المناضل الرمز. وهذا الأخير
لن ينتهي اليوم ولا غدا. لأن الشعوب تلد رموزها باستمرار. وكلما اشتدت حرارة الصراع الطبقي، كلما برزت الرموز المناضلة. الخطير أن بعض هذه الرموز، إذا لم نقل جلها، تتحول في المنعطفات التاريخية الصعبة/الفاصلة الى رموز انبطاح وعمالة وخيانة... ولنا في تجربتنا السياسية والنقابية والجمعوية أمثلة عديدة. وبدون مجازفة، فالتحول من المناضل الرمز الى العميل أو المرتد أو الخائن، تعني في العمق أن ذلك "المناضل الرمز" ليس غير مناضل رمز مزيف أو قصير النفس. لا ننفي أن مناضلين رموزا قدموا تضحيات جليلة، إلا أنهم في آخر المطاف اصطفوا الى جانب النظام القائم. علما أن هذا الأخير له من الإمكانيات والأساليب الماكرة ما يجعله يركع المناضل الرمز المزيف وقصير النفس. وفقط المناضل الرمز ذو المعدن الأصيل من يصمد في وجه القمع والحصار والتشويش والتشويه وباقي المؤامرات الدنيئة...
رغم ذلك، وهنا الأهم، فرغم تحول "الرموز المناضلة" الى "رموز انبطاح وعمالة وخيانة..."، فنضال شعبنا لا ولن يتوقف. ودليلنا هو المعارك المتواصلة في ظل إجرام النظام القائم وتواطؤ الأحزاب السياسية والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية.
لا يخفى التأثير السلبي لذلك على المسار النضالي لشعبنا، وكم يؤدي شعبنا ثمن تحول تلك الرموز البئيسة، لكن الصراع الطبقي ليس خطا مستقيما؛ هناك إخفاقات وانكسارات وهناك انتصارات... ومن واجبنا النضالي صيانة/توثيق تلك الانتصارات وتطويرها...
إننا نعيش زمن المناضلين الرموز (الجمع) بدل المناضل الرمز (الفرد). فكم من "مناضل رمز" قتل معركة، بل معارك. وكم من "مناضل رمز" باع تنظيمه ورفاقه... وحتى في حالة استمرار المناضل الرمز وتشبثه بقضية شعبه، فلن يكون بطلا خرافيا. ومهما تكن تضحيته، فلن تصنع وحدها تحرر شعب وانعتاقه. لنكن جميعا مناضلين رموزا الى جانب أو في صفوف شعب رمز... والتنظيم/الإطار السياسي أو النقابي أو الجمعوي لا يختزل في شخص المناضل الرمز. وهذا الأخير لا يعبر عن المركزية الديمقراطية... وكثيرا ما صار "المناضل الرمز" باسم المركزية الديمقراطية دينوصورا مدمرا للأخضر واليابس...
نعم للتراكم النضالي، وهو ما جسدته الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء من خلال بطولاتها وتضحياتها، وهو أيضا ما سار على دربه شهداء شعبنا بكل نكران ذات وكذلك المعتقلون السياسيون المناضلون، إلا أن نهوض شعبنا منظما ومؤطرا بقيادة مناضلة هو الحل الجذري لمعاناته وآلامه ولخلاصه...
لا لتمجيد الأشخاص أو صنع "المعابد" (عبادة الأشخاص)... كل التقدير للشهداء وللمعتقلين السياسيين المناضلين ولكافة المناضلين...
إنها معركة متواصلة حتى النصر...
شارك هذا الموضوع على: ↓