2021/01/06

حسن أحراث// انتفاضة يناير 1984 ..... الوفاء أو النكران..

 


أبسط صور الوفاء لقضية شعبنا استحضار محطاته النضالية البارزة التي
ترمز من جهة الى تطلعه المتواصل الى التحرر والانعتاق، والى تفنيد الاتهامات المجانية التي تلصق بالشعوب المضطهدة عموما بشأن تعايشها مع الاستغلال والاضطهاد والفساد من جهة أخرى. لقد أثبتت الشعوب عبر تضحياتها الغالية أنها ترفض الذل والخنوع وأي شكل من أشكال الانبطاح رغم القمع والتقتيل وأيضا الخيانات والمساومات التي تجرى باسمها زورا وبهتانا. ويترتب عن الوفاء أو ليكون للوفاء معناه النضالي لابد من مواصلة مسار الشعوب والعمل على تجاوز إخفاقاتها، فليس في النضال تقاعد أو مكافآت أو ترقية. وحتى لحظات الفشل والسقوط لا يمكن إلا أن تكون بالنسبة للمناضلين الثوريين حقا محفزا ودروسا لرفع التحدي واستمرار المعركة. والتذكر وتخصيب الذاكرة مسؤولية وليس ترفا أو استمتاعا أو عزاء للذات. وقد صار هذا الوفاء في بعده الكفاحي عنوانا لنضالية هذه الجهة السياسية أو تلك ولهذا الاسم أو ذاك. فمن لا يقدر تضحيات أبناء شعبه لا يستحق التقدير.. 

وانتفاضة يناير 1984 تعتبر منعطفا سياسيا متميزا في المسيرة النضالية للشعب المغربي وتجسيدا متقدما لمستوى الصراع الطبقي حينه. وتستحق من المناضلين بصيغة الجمع الاستحضار بالدراسة والتناول العميق، وليس فقط كنوستالجيا وحنين الى الماضي. لم تكن الانتفاضة الشعبية الأولى، إلا أنها فتحت آفاقا واسعة أمام الفعل النضالي من داخل السجون ومن خارجها وبجل مناطق المغرب. وبدون شك، جعلت النظام يكشر على أنيابه ويجند طاقاته لكسر شوكة النهوض النضالي الذي عرفته المرحلة. وقد خلفت موجات القمع العشوائية والمنظمة العديد من الشهداء والمعتقلين السياسيين بشمال المغرب وجنوبه وشرقه وغربه. ومجموعة مراكش 1984 (44 معتقلا سياسيا)، الى جانب معتقلين سياسيين آخرين بالمدينة وبمدن أخرى، واحدة من المجموعات التي تشهد على مجد انتفاضة يناير الشعبية وتؤرخ للمعاناة والمآسي التي تكبدها أبناء شعبنا. وليس تضحية الشهيدين بوبكر الدريدي (05 سنوات) ومصطفى بلهواري (10 سنوات) اللذين اعتقلا إثر الانتفاضة إلا ذلك الوفاء الراقي للانتفاضة والتعبير عن الإخلاص لصناعها الصناديد، وذلك الضوء الذي على عاتقنا جميعا الحفاظ عليه متقدا ومنيرا وكرسالة نضالية للأجيال المناضلة القادمة. 

وما يحز في أنفسنا منذ ذلك الحين وبعده وحتى قبله، خاصة والعديد من الانتفاضات الشعبية الأخرى والكثير من التضحيات والبطولات، هو الدوران في نفس الدائرة المغلقة وتبديد الجهود بما يكرس الشتات والضعف والهشاشة في صفوفنا ويفسح بالمقابل المجال أمام النظام لإحكام قبضته الحديدية وفرض هيمنته وخدمة مصالحه الطبقية ونهب خيراتنا برا وبحرا وجوا وتوسيع مشاريعه السياسية المنسجمة والإملاءات الامبريالية، ومنها جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني.. 

إن الفرز السياسي الراهن في علاقته بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبالقضية الفلسطينية، والمفروض موضوعيا، قد كشف حقيقة كل القوى السياسية المتسترة وراء شعارات الديمقراطية والحداثة وحقوق الإنسان، ومنها المحسوبة على اليسار، وفضح تموقعها الفعلي الى جانب النظام والقوى السياسية الرجعية، ومنها القوى الظلامية والشوفينية.

لا يخفى كذلك أثر وتأثير التحولات الدولية والسيطرة الامبريالية الواسعة والتغلغل الصهيوني المتواتر، بالإضافة الى تراجع أداء وإشعاع حركات التحرر الوطني، لكن مسؤوليتنا قائمة بخصوص التخلف عن إنجاز المهام النضالية الثورية، وفي مقدمتها بناء التنظيم الثوري القادر على تأطير وصيانة وقيادة نضالات الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة. 

فأمام النضالات الحالية للعمال (منها ما يقارب السنة، حالة عمال امانور بطنجة وتطوان والرباط) والمعارك البطولية للفلاحين الفقراء والطلبة والمعطلين وأطر الصحة والتعليم وقطاعات اجتماعية أخرى، لا مجال للبحث عن التبريرات أو الاختباء وراء الأوهام. وأمام تخاذل القيادات النقابية وتواطؤها الخياني، لا معنى لمواصلة دعمها وتقديم خدمات مجانية لرموزها. 

فكيف نثق سياسيا في من يزكي بأي شكل من الأشكال قيادات نقابية (باطرونا) متورطة في المؤامرات ضد قضايا العمال والفلاحين الفقراء وباقي أبناء شعبنا المكافحين..!!

كيف نثق في من يأكل مع الذئب ليلا ويبكي مع الراعي نهارا؟!!

كيف نثق في من يثق في النظام وحواري النظام، من قوى سياسية ورموز مصنوعة إعلاميا (خبراء وأكاديميون ومثقفون...) لأداء الأدوار القذرة التي تبرر ما لا يبرر وتشوش على المواقف السديدة وتحاصر الرموز المناضلة؟!!

كيف نثق في من يشارك النظام مسرحياته الجماعية والتشريعية المكرسة للفساد والريع والقهر الطبقي، والبعيدة كل البعد عن التغيير المنشود القائم مرحليا على الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان في بعديها الشمولي والكوني؟!!

كيف نثق في من يحرض ضد المناضلين باسم النضال؟!!

إنها الخطوط الفاصلة بين الجد النضالي و"اللعب"/العبث الانتهازي.. 

لا نبكي ولا نتباكى، ولا نريد المزيد من الأوهام والمسكنات الافتراضية أو الواقعية. كما لا نقبل الانخراط بوعي أو بدونه في معارك الهامش المضللة. لا نسعى الى تغذية الحروب الخاسرة أو العناد الذاتي المدمر.

كل الجهود النضالية الصادقة مطلوبة لخدمة قضية شعبنا وكافة القضايا العادلة للشعوب المضطهدة، ومن بينها القضية الفلسطينية...

لا نريد الانتقال من زمن الضعف والخضوع الى زمن التطبيع والخنوع.. 

لا نريد الانتقال من الشتات الى الشتات..

لا نريد "نضال" التباهي بالصور والفيديوهات..

نريد ونحلم بصنع مستقبل شعبنا المشرق والمشروع...

وعموما، لا تكفي الأفكار الحمراء، نريد السواعد الحمراء...

كل المجد والخلود لشهداء الانتفاضات الشعبية.. 

كل التحية لأبطال انتفاضة يناير 1984 وباقي الانتفاضات الشعبية، المجهولين والمعروفين..

كل التقدير لتلاميذ انتفاضة يناير 1984 المنسيين، ومنهم من قضى سنتين وراء القضبان الصدئة بسجون الذل والعار..

كل التضامن مع المعتقلين السياسيين السابقين، ومنهم من يناضل حتى الأن من أجل تسوية وضعيته المالية والإدارية..

كل الدعم للمعتقلين السياسيين الحاليين وعائلاتهم..

لنناضل من أجل إطلاق سراحهم جميعا..

النصر لقضايا شعبنا المكافح، وفي مقدمتها قضايا العمال والفلاحين الفقراء...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق