2021/03/19

حسن أحراث // في الذكرى 66 لتأسيس الاتحاد المغربي للشغل: أي إنجازات؟

قبل أن أُدلي برأيي حول "الإنجازات" المحققة بالمغرب، منذ 20 مارس 1955
الى الآن (وهو رأي عدمي متطرف معروف)، تفضل الاتحاد المغربي للشغل "مشكورا"، باختزال الجواب، ولعله جواب (بعض جوانب الجواب) يعبر عن واقع الأمر المفضوح. ورد في بيان للاتحاد بمناسبة الذكرى 66 لتأسيسه ما يلي:

"واليوم وبعد مرور 66 سنة على هذا التأسيس المجيد، تجد الطبقة العاملة المغربية نفسها لازالت تناضل من أجل تحقيق نفس الأهداف التي رسمتها ف
ي 20 مارس 1955، والتي سطرتها في أول بيان يصدره الاتحاد المغربي للشغل بمناسبة تأسيسه". 

إنه اعتراف مُر.. وبقدر ما هو إدانة للنظام القائم وكل المتبجحين بالإنجازات والإصلاحات والمعجزات، من قوى سياسية وقيادات نقابية وجمعوية؛ فهو أيضا إدانة للقيادة البيروقراطية للاتحاد التي زكت وتزكي كل المخططات الطبقية المعيقة لتحقيق "الأهداف التي رسمتها في 20 مارس 1955، والتي سطرتها في أول بيان يصدره الاتحاد المغربي للشغل بمناسبة تأسيسه". والأهداف المقصودة هي "الديمقراطية الحقة والحق في العمل والقضاء على البطالة وأجور ملائمة والضمان الاجتماعي وعقود جماعية وتوزيع خيرات البلاد توزيعا عادلا واحترام حقوق الإنسان وبناء مجتمع عادل ومتضامن". 

فهل يُعقل، وبعد مرور 66 سنة (أكثر من نصف قرن)، أن تُواجه الجماهير الشعبية المقهورة وفي مقدمتها الطبقة العاملة بهذا البيان البئيس؟!!

وهل يكفي ترديد بعض الجمل الإنشائية لنُجدد الثقة في "قيادتنا" الميمونة؟!! والمقصود هو هذه الشعارات المملة التي تردد في كل مناسبة:

" الاحتجاج على تدهور التماسك الاجتماعي للبلاد وتزايد حدة الفوارق الطبقية وانتشار الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي والإجهاز على الحقوق والحريات.

التصدي للمس بحق الإضراب، الحق الدستوري الذي انتزعه العمال بكفاحهم ودماءهم.

المطالبة بإلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي الذي بمقتضاه يحاكم ويعتقل المسؤولين النقابيون والعمال والعاملات بسبب نشاطهم النقابي.

استنكار الحملة الممنهجة على ممارسة الحق النقابي والحريات النقابية من طرف بعض أرباب العمل والسلطات العمومية.

الاحتجاج على الاغلاقات الممنهجة والمنظمة للمعامل وتشريد العمال والعاملات الناتج عن انتشار اقتصاد الريع.

التنديد بصمت الحكومة والسلطات المحلية، على خرق أرباب العمل لقانون الشغل وقمع العمال والعاملات وطردهم ومتابعتهم قضائيا واعتقالهم ومنعهم من ممارسة العمل النقابي.

الاحتجاج ضد عجز الحكومة على فرض احترام القوانين الاجتماعية للبلاد".

إنها شعارات أو مطالب "صالحة" لكل زمان ومكان، بما أنها موروثة عن الخمسينات من القرن الماضي. وقمة الوقاحة أن تُبشرنا "قيادتنا" المباركة بالحل التالي:

"وبهذه المناسبة الغالية تعلن الطبقة العاملة المغربية عن التعبئة الجماعية والنضالية استعدادا للرد على هذه الهجمة الشرسة المعادية للطبقة العاملة المغربية وحقوقها وحرياتها وكرامتها بكل الوسائل النضالية المشروعة".

معذرة، لم أنتبه جيدا لمنطوق الفقرة الأخيرة، فهي لم تُعلن التزام القيادة بخوض "التعبئة الجماعية والنضالية..."، لقد ورد بالفقرة المذكورة وللأمانة "تُعلن الطبقة العاملة عن التعبئة الجماعية والنضالية...". إذن فالكرة في مرمى الطبقة العاملة التي يجب أن "تُعلن التعبئة الجماعية والنضالية". وإذا لم تقم بذلك، فإلى ذكرى أخرى...

و"المطلوب" إذن محاسبة الطبقة العاملة وليس القيادة البيروقراطية المتواطئة مع النظام. لأن الطبقة العاملة لم تقُم ب"التعبئة الجماعية والنضالية" من الخمسينات من القرن الماضي!!

والسُم الذي تدسُه القيادة المافيوزية للاتحاد المغربي للشغل في تعبيراتها نلمسُه من خلال هذه الفقرة الواردة في بيان مارس 2021:

" إن الطبقة العاملة المغربية التي تهب قواها الإنتاجية لازدهار الاقتصاد الوطني لا تجد أمامها في مجال العمل من يواكب تضحياتها، ذلك أن عددا من أرباب العمل ما فتئوا يستغلون العمال و بأبخس الأثمان وفي أحط الظروف المهنية، إنه اقتصاد الريع في أبشع صوره، والمتنافي مع مطامح المغرب في الرقي والازدهار، وتجسيد دولة الحق والقانون…".

إن "قيادتنا" الرجعية تنفي الصراع الطبقي، وتوهمنا بانتهازية مُفرطة بإمكانية "مواكبة" أرباب العمل لتضحيات الطبقة العاملة "التي تهب قواها لازدهار الاقتصاد الوطني". والحديث عن "اقتصاد الريع في أبشع صوره، والمتنافي مع مطامح المغرب في الرقي والازدهار، وتجسيد دولة الحق والقانون..." يجُرنا الى إدانة أخرى ل"قيادتنا" المستفيدة حتى النخاع من هذا الريع الذي تستنكره بالكلام وتستلذه بالفعل..

وأرفع التحدي هنا، وأطرح موضوع مالية الاتحاد (لنترك جانبا مذابح الديمقراطية الداخلية. فمن يستبيح دم الديمقراطية، كيف يطالب بها؟!!). فماذا نعرف عن مالية الاتحاد المغربي للشغل منذ المحجوب بن الصديق والى الميلودي موخاريق؟!!

هل النظام القائم "في دار غفلون"؟!!

ماذا عن الافتحاص (AUDIT) المالي والإداري؟!!

بدون شك.. إنه "الريع في أبشع صوره، والمتنافي مع مطامح المغرب في الرقي والازدهار، وتجسيد دولة الحق والقانون..."..

فهل يحق لباطرونا "متنكرة" أن تقود العمال باسم النقابة؟!!  

معذرة مرة أُخرى، إن السؤال مُوجه الى الرفاق والمناضلين، خاصة في صفوف الاتحاد المغربي للشغل..

بعد كل هذه الإخفاقات (المعترف بها) والتواطؤات المسكوت عنها، بل والجرائم المكشوفة في حق الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية المضطهدة (إجهاض المعارك النضالية والانخراط في مسلسل "السلم الاجتماعي" الذي يقتل العمال)، كيف نقبل بتزكية القيادة البيروقراطية المتحكمة في رقاب المركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل والتعايش معها؟!!

مؤخرا، 16 و17 مارس، ما موقع الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية في صفوف الاتحاد المغربي للشغل، من معركة نساء ورجال التعليم (بالفعل، إنها معركة نساء ورجال التعليم عموما) التي وُوجهت بالتنكيل والقمع الدموي والإهانة... ؟!!

كيف "نُهاجر" الى أحضانها بدل إدانتها؟!!

أعرف أن من عانى من بيروقراطية نقابية أو غيرها يناضل ضد البيروقراطية أينما كانت (أينما حلت وارتحلت)، وليس "الهروب" من حضن بيروقراطي الى حضن بيروقراطي مماثل (ربما أكثر دفئا). وما يُفسر هذه الحالة المرضية "السكيزوفرينية" (SCHIZOPHRENIE) هو حُب الكُرسي والموقع والواجهة (كاريزما مفتقدة)...

وخلاصة القول، إن النقابة أو العمل النقابي لن يُشكلا بأي حال من الأحوال بديلا عن العمل السياسي، المُنظم والمنتظم.. 

ومن يهجر النضال السياسي، فإنه يهجر الثورة..

وإن تقل القيادة البيروقراطية "عاش الاتحاد المغربي للشغل"، فذلك أمر مفهوم. لأن الاتحاد ملاذها وموردها، ماضيا وحاضرا ومستقبلا..

وماذا يعني "عاش الاتحاد المغربي للشغل" بالنسبة للرفاق والمناضلين؟!!

من لديه جواب غير جواب القيادة البيروقراطية، فليمارسه على أرض الواقع. كفى غموضا وتحايلا ولفا ودوران. إن التاريخ لنا جميعا بالمرصاد...

فيما يلي للأمانة، "بيان مارس 2021":

"إخواني، أخواتي،

في مثل هذا اليوم من شهر مارس 1955، تم الإعلان عن ميلاد منظمتنا الأصيلة: الاتحاد المغربي للشغل، كاستجابة تاريخية لمطامح الطبقة العاملة المغربية من أجل التحرر والانعتاق من الاستعمار والسعي إلى بناء مجتمع العدالة والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

واليوم وبعد مرور 66 سنة على هذا التأسيس المجيد، تجد الطبقة العاملة المغربية نفسها لازالت تناضل من أجل تحقيق نفس الأهداف التي رسمتها في 20 مارس 1955، والتي سطرتها في أول بيان يصدره الاتحاد المغربي للشغل بمناسبة تأسيسه، تلكم الأهداف الراهنة التي تعتبر ضمن الثوابت الأساسية لمنظمتنا العتيدة، وهذه الأهداف هي:

الديمقراطية الحقة

الحق في العمل

القضاء على البطالة

أجور ملائمة

الضمان الاجتماعي

عقود جماعية

توزيع خيرات البلاد توزيعا عادلا

احترام حقوق الإنسان

بناء مجتمع عادل ومتضامن

ومن أجل بلورة هذه الأهداف حرص الاتحاد المغربي للشغل على أن تكون مبادئه شاملة وجامعة لقوة الطبقة العاملة المغربية من أجل مغرب الحقوق والكرامة.

بعد 66 سنة على تأسيس منظمتنا لا زلنا صامدين مدافعين عن الحريات النقابية حيث يخوض العمال والعاملات معارك متواصلة من أجل فرض احترام ممارسة العمل النقابي واحترام كرامة العمال والعاملات والقوانين المنظمة للعمل وفي مقدمتها القوانين الاجتماعية.

إن الطبقة العاملة المغربية التي تهب قواها الإنتاجية لازدهار الاقتصاد الوطني لا تجد أمامها في مجال العمل من يواكب تضحياتها، ذلك أن عددا من أرباب العمل ما فتئوا يستغلون العمال و بأبخس الأثمان وفي أحط الظروف المهنية، إنه اقتصاد الريع في أبشع صوره، والمتنافي مع مطامح المغرب في الرقي والازدهار، وتجسيد دولة الحق والقانون…

وفي ظل هذه الأوضاع التي زادتها جائحة “كوفيد 19” تأزما بكل أعبائها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، تخلد الطبقة العاملة المغربية يوم 20 مارس 2021 وهي ترفع صوتها عاليا :

الاحتجاج على تدهور التماسك الاجتماعي للبلاد وتزايد حدة الفوارق الطبقية وانتشار الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي والإجهاز على الحقوق والحريات.

التصدي للمس بحق الإضراب، الحق الدستوري الذي انتزعه العمال بكفاحهم ودماءهم.

المطالبة بإلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي الذي بمقتضاه يحاكم ويعتقل المسؤولين النقابيون والعمال والعاملات بسبب نشاطهم النقابي.

استنكار الحملة الممنهجة على ممارسة الحق النقابي والحريات النقابية من طرف بعض أرباب العمل والسلطات العمومية.

الاحتجاج على الاغلاقات الممنهجة والمنظمة للمعامل وتشريد العمال والعاملات الناتج عن انتشار اقتصاد الريع.

التنديد بصمت الحكومة والسلطات المحلية، على خرق أرباب العمل لقانون الشغل وقمع العمال والعاملات وطردهم ومتابعتهم قضائيا واعتقالهم ومنعهم من ممارسة العمل النقابي.

الاحتجاج ضد عجز الحكومة على فرض احترام القوانين الاجتماعية للبلاد.

وبهذه المناسبة الغالية تعلن الطبقة العاملة المغربية عن التعبئة الجماعية والنضالية استعدادا للرد على هذه الهجمة الشرسة المعادية للطبقة العاملة المغربية وحقوقها وحرياتها وكرامتها بكل الوسائل النضالية المشروعة.

عاشت الطبقة العاملة المغربية

عاش الاتحاد المغربي للشغل

 مارس 2021".




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق