إن الوضع السياسي الذي تعيشه بلادنا الآن يكشف حجم التناقض بين التحالف
ماذا تحتاج حالة الطوارئ؟ طبعا، تحتاج إجماعا سياسيا وميدانيا من لدن جميع الأحزاب والمركزيات النقابية. لأن أي حالة طوارئ تحتاج من طباخي السياسة، كبارا وصغارا، الانصياع والانبطاح. فإما أن ترفض الوضع وبالتالي رفض أشكال تكريسه كحالة الطوارئ أو القبول بالأمر الواقع وبالتالي التماهي مع الحالة. هكذا هي السياسة المجسدة في واقعنا، لقد دفع النظام جميع المطبلين والمشاكسين المدللين الى تحريك أسهمهم السياسية داخل إطار وجدار سقفه محدد من طرف النظام وأرضيته كذلك. لذا لا حرج عند النظام إذا شاغب زيد قليلا وتمرد عمرو قليلا، مادام داخل خزان البورصة السياسية. لا يختلف الأمر بالنسبة للإطارات النقابية، فهي الأخرى خسرت موقعها التفاوضي والسياسي مع النظام. ليس لأنها رفضت بل لأن الجدار حدد سقفها، وهذا الأخير لا يسمح بأقل من الركوع والتطبيل للمخططات الطبقية. إن النظام يقبل/يتقبل لهجة الرفض العلني، لكن القبول المخزي المغلوب عليه كقبول الزوجة بالضرة بل بزغرودة الاعتراف بالقبول. ماذا يعني استقبالها بالقصر، شاهد عيان على عبقرية النظام في الإذلال، ورفض الجلوس معها في حوار قطاعي بالنسبة للتعليم. احتاجها النظام للدعاية لمخططه ورفضها حين يتعلق الأمر بمسرحياتها المغلفة بخدمة مصالح المنخرطين.
المهم من كل هذا أن اللعبة السياسية يتحكم فيها النظام أفضل من السابق، ومن يتشدق بحالة الطوارئ فهو داخل جدار اللعبة. أما من يقف الى جانب الشعب حقا، فهو طبعا يدرك أن التصدي للسياسة الطبقية للنظام تستلزم منه تحدي أساليبه الخسيسة...