04‏/05‏/2021

حمان الأطلسي // تذبذب الأسهم السياسية داخل جدار حالة الطوارئ


إن الوضع السياسي الذي تعيشه بلادنا الآن يكشف حجم التناقض بين التحالف
الطبقي المسيطر والجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة؛ والذي يتجلى بالملموس في الردود الاحتجاجية العفوية التي تترجمها الجماهير الشعبية هنا وهناك. لقد وصلت التناقضات الى مستوى لم يعد فيه للجماهير الفقيرة ما تخسره خاصة في أوساط الشباب. وإقدام بعض شباب الفنيدق على الارتماء في الأمواج العاتية هروبا من جحيم الواقع دليل على قتامة الحياة في هذا الوطن الحبيب. إن هذه الخطوات وغيرها من الخطوات المماثلة كانتحار شاب ببفكران يعكس بشاعة الفقر الذي وصل الى مستويات أدخلت أبناء الشعب في متاهات الحلول الفردية ولو كانت هذه الحلول اختيار الموت من أجل الحياة. طبيعي أن هذه التناقضات لا تخفى على مهندسي سياسة النظام، ومن الطبيعي أن يسعوا الى التضليل، كمحاولة مفضوحة لإخفاء هذه التناقضات حفاظا على مصالح التحالف الطبقي الحاكم. لذا فحالة الطوارئ هي أفضل وسيلة سياسية يمكن للنظام أن يتحكم من خلالها في أوتار الصراع، وأن يوجه سمفونية العزف بألحان نحو آذان محددة. ومن لم تعجبه هذه الألحان فليصب بالصمم. 

ماذا تحتاج حالة الطوارئ؟ طبعا، تحتاج إجماعا سياسيا وميدانيا من لدن جميع الأحزاب والمركزيات النقابية. لأن أي حالة طوارئ تحتاج من طباخي السياسة، كبارا وصغارا، الانصياع والانبطاح. فإما أن ترفض الوضع وبالتالي رفض أشكال تكريسه كحالة الطوارئ أو القبول بالأمر الواقع وبالتالي التماهي مع الحالة. هكذا هي السياسة المجسدة في واقعنا، لقد دفع النظام جميع المطبلين والمشاكسين المدللين الى تحريك أسهمهم السياسية داخل إطار وجدار سقفه محدد من طرف النظام وأرضيته كذلك. لذا لا حرج عند النظام إذا شاغب زيد قليلا وتمرد عمرو قليلا، مادام داخل خزان البورصة السياسية. لا يختلف الأمر بالنسبة للإطارات النقابية، فهي الأخرى خسرت موقعها التفاوضي والسياسي مع النظام. ليس لأنها رفضت بل لأن الجدار حدد سقفها، وهذا الأخير لا يسمح بأقل من الركوع والتطبيل للمخططات الطبقية. إن النظام يقبل/يتقبل لهجة الرفض العلني، لكن القبول المخزي المغلوب عليه كقبول الزوجة بالضرة بل بزغرودة الاعتراف بالقبول. ماذا يعني استقبالها بالقصر، شاهد عيان على عبقرية النظام في الإذلال، ورفض الجلوس معها في حوار قطاعي بالنسبة للتعليم. احتاجها النظام للدعاية لمخططه ورفضها حين يتعلق الأمر بمسرحياتها المغلفة بخدمة مصالح المنخرطين. 

المهم من كل هذا أن اللعبة السياسية يتحكم فيها النظام أفضل من السابق، ومن يتشدق بحالة الطوارئ فهو داخل جدار اللعبة. أما من يقف الى جانب الشعب حقا، فهو طبعا يدرك أن التصدي للسياسة الطبقية للنظام تستلزم منه تحدي أساليبه الخسيسة...





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق