04‏/05‏/2021

حمان الأطلسي // الحوار بين الغاية والوسيلة


يشكل الحوار في أدبيات الصراع الطبقي وسيلة يلجأ إليها النظام غالبا
للحد من مستوى نضج الصراع والحيلولة دون تراكم المعارك وبلوغها مستويات يتضح فيها التناقض سياسيا واقتصاديا وإيديولوجيا لدى الجماهير الشعبية؛ رغم أن مضمون أي معركة هو طبقي في أبعاده الثلاثة. إلا أنه لا يتضح للجماهير في الوهلة الأولى مع أن المناضلين المبدئيين يدركونه، حيث لا يتحول الى قوة مادية كوعي طبقي عند الجماهير، وهذه مسؤولية المناضل الملقى على عاتقه تفتيت الصعاب الفكرية والسياسية لتحويل الوعي الجنيني الذي يبدأ اقتصاديا (مطلبيا) والرقي به الى مستواه الطبقي. إن استمرار أي معركة في تراكمها الصحيح غالبا ما تعري الأقنعة وتساهم في نمو الوعي السياسي للجماهير. لذا ليس من مصلحة النظام استمرار المعركة وسيسعى بكل الوسائل لإجهاضها. وما بين الأخذ والرد والمد والجزر في الصراع يصبح الحوار مفروضا، ليس حبا في سواد أعين الجماهير، بل درء لأي تطور قد لا يضبطه أو يتحكم فيه مهندسو السياسة الطبقية للنظام. هنا يشكل الحوار وسيلة لتحطيم المعركة ليس إلا. ويدرك المناضلون هذا وأخذا لمستوى تطور الواقع الموضوعي والجانب الذاتي يحددون قبول الحوار من عدمه، وحتى لو قبلوا به فعلى أساس حد أدنى ومن منطلق أرضية المعركة وزخمها الذي يجعل الحوار من موقع قوة. هنا نقف عند الحوار باعتباره وسيلة. أما من ينظر الى الحوار كغاية في حد ذاته، فهو في الأصل يقف ضد المعركة وضد تراكمها. ومن موقع خشيته على موقعه ومواقفه المتخاذلة فهو ينظر الى الجماهير ومعركتها بعين الخوف والهلع. خوف من تجاوز الجماهير ومعركتهم لسقفه السياسي الذي يتماهى دائما مع موقف النظام. فالبيروقراطية تسعى دائما الى الحوار كغاية، لأنها تدرك ضعفها وانتهازيتها ومكرها. ولعل شعاراتها حول مأسسة الحوار كشعار يسبق المعركة ذاتها هو في الأصل تقديم الجماهير كقربان للجلاد. لا نريد الحوار يا مركزيات الذل، بل نحتاج الى المعارك التي تجعل الجماهير في موقع الهجوم والتقدم في الصراع. كفانا دفاعا وذلا... لم يكن الحوار غاية نصبو اليها، بل غايتنا تقدم المعارك ونضج وعي الجماهير. وإن كان الحوار لابد منه، فهو وسيلة من وسائل استمرار المعركة وقطف ثمار الطريق. وليس إيقاف مشوار المعركة. نمضي في المعركة ونقطف ثمارها حسب تطور قوانا أو نمضي ونقلل من الخسائر إذا كنا ضعافا. 

الحوار وسيلة يا متسولي الفتات... لا نبكي على الحوار، بل نبكي حين نرى الفقر والاضطهاد ينهشان أجساد الفقراء ويشرد الأطفال ويمتهن الكرامة ويدفع الشباب الى الموت. نبكي حين نرى الجلاد يرقص على جثامين أبناء وطننا الجريح ...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق