11‏/01‏/2022

Camarde Ml//لا لتخدير الشعوب.. هذا المنتخب اللاوطني لا يمثلنا…


مع تنظيم ما يسمى "كأس افريقيا للامم" ستعمل الرجعية مجددا كل
ما في وسعها لتعميق ايديولجية التخدير و تسويق صورة مفبركة مغايرة للحقيقة عبر محاولات صرف الأنظار عن الاوضاع المزرية التي تعيشها الجماهير الشعبية و المرتبطة بطاحونة الصراع الطبقي.

فملايين الناس (300 مليون شخص) يعانون الفقر و الجوع و البطالة و شتى أنواع الامراض و الاوبئة في افريقيا، و في نفس الوقت يتم تحويل 224 مليار دولار سنويا (224.000.000.000 دولار كل سنة) من طرف الشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات من بلدان افريقيا بشكل مباشر للامبريالية دون حسيب و لا رقيب!

الامبريالية و الانظمة التابعة تخصص كل الامكانات اللازمة لصرف الانظار عن نهبها لثروات الشعوب الافريقية. و من ضمن هذه الوسائل: كرة مملوءة بالريح!

و قد وضعت الامبرياليات و كل من يدور في فلكها كرة القدم في خانة "المخدرات الجماعية"، أي كأيديولوجية لتخدير و إلهاء الملايين من الناس، ليتحول التعبير عن السخط من الواقع المر الذي تعانيه الطبقات المسحوقة، و الذي من المفروض أن يكون من داخل ساحات النضال و الميادين، إلى تعبير عن "السخط" من داخل الفرجة و مباريات كرة القدم في الملاعب و المقاهي. لتترك بذلك المجال مفتوحا على مصراعيه لتمرير المخططات الطبقية و فرملة صيرورة التغيير الثوري لتحرير الانسان من نير الاستغلال و الاضطهاد.

فبدل الخوض في تفاصيل المعاناة اليومية و المساهمة في الاشتغال على الحلول التي تؤدي إلى تحرير الإنسانية من قيود الرأسمال (الطريق الثوري)، ينكب الجمهور ممن سقط في فخ اللعبة/الألعوبة على الحديث عن تفاصيل المباريات و نتائجها و الصفقات الخيالية التي تعقدها الفرق مقابل اللَّعِب بكرة مملوؤة بالريح، فيما تجتر الانظمة خطاب "الازمة الاقتصادية" الاعتيادي. و لاننا المعنيُّ الحقيقي بالازمة، فنحن من يؤدي الفواتير في آخر المطاف (على شكل ضرائب على كل المشتريات، الجزء غير المؤدى من الأجر (فائض القيمة)، إلخ).

أي أن جوهر "اللعبة" هو تحويل انتباه الشعوب عن المعاناة و القمع و الالام التي تسلطها الأنظمة اللقيطة على رقابنا لتعويضها بمشاعر التفوق و نشوة الانتصارات لسلب كل أحاسيس القهر كلما تم تسجيل هدف في مرمى الخصم. و هو ما يعطي دائما، بحسب السوسيولوجي الفرنسي

‏Henri LEFEBVRE

 "النشوة بالانتصار لدى أفقر الفئات الاجتماعية وأكثرها هشاشة".

بل أكثر من ذلك تهدف هذه الأنظمة إلى كسب وِدِّ الجمهور لدعمها، فتبدأ المباريات بعزف الأناشيد اللاوطنية و تنتهي بحمل الرايات و إهداء "الانتصار" للكمبرادورية و للشعب (!)، فتأتي المكافئات الخيالية و العلاوات.

و يستمر تسييد الثقافة الرجعية و تكريس الواقع المُر السائد و بالتالي المزيد من السيطرة الطّبقية.

و تستغل البرجوازية مباريات كرة القدم لتُعَرِّض ملايين المشاهدين (و أحيانا الملايير) لشحنات إشهارية منظمة للتأثير على سلوكهم الاستهلاكي أو حتى تغييره لاقتناء الوجبات السريعة للشركات العالمية، الأقمصة، المشروبات، السيارات، إلخ، و لربما اظطر الكثير منهم للاستدانة لاقتناء هذه المنتوجات.

إنه إنعكاس الظاهرة النفسية لكرة القدم وآثارها على السلوكات الفردية والجماعية.

فهي محاولة لتعويض واقع الأزمة الذي يعانيه الناس على المستوى الاقتصادي (البطالة، الفقر، غياب التغطية الصحية، التعليم (كقضايا طبقية)) بنشوة "انتصارات" وهمية في مباريات كرة القدم أو التأهل إلى المونديال، إلخ. 

أي أن درو هذه الأخيرة (كرة القدم) هو التخدير و التنويم للإلهاء عن القضايا الجوهرية التي تهم واقع الصراع الطبقي و مستقبل المجتمعات البشرية.

و لا أدل على ذلك أن الأنظمة القائمة تستغل فترات المونديال و المباريات القارية لتنزيل المخططات الطبقية و الزيادة في الاسعار و الضرائب و الهجوم على مكتسباتنا الحيوية.

و بالموازاة ترتبط بهذه الظاهرة زيادة مستويات العنف العشوائي والعنف الجماعي. فهناك من فقد حياته لانتصار هذا الفريق أو انهزام الاخر، و هناك من أصبح معوقا   إلى الأبد، فيفجَّرُ الغضب في الملاعب بدل توجيهه نحو العدو الطبقي و شركاته و مصادر قوته.

و تكرس حتى شعارات بعض الفرق هذا الأمر. ففريق الامبريالية الفرنسية مثلا يتخد من "نعيش معا... أو نموت معا" شعاراً. فتصبح الرياضة و الموت وجهان لعملة واحدة. كما تحدثت ايضا الترسانة الإعلامية للنظام الرجعي القائم بالمغرب عن كتيبة ستقاتل في الكاميرون من اجل "إسعاد الشعب المغربي". نعم، إنه القتال من أجل تلميع صورة النظام القائم، و من أجل استيلاب عقول الملايين و الاجهاز على المزيد من مكتسبات الجماهير الشعبية.

إنها نفس لغة النازية فقد قال أدولف هتلر، مادحا للملاكمة، بأن الرياضة تعلم المواجهة و الشجاعة، وما الشجاعة إلا رديف للرغبة الحقيقية في الموت.

أما الفاشية في إيطاليا فقد نظمت كأس العالم سنة 1934. و من أجل أن تفوز به لتأبيد الفاشية و الترويج لإيديولوجيتها، خصص النظام آنذاك 3.5 مليون ليرة إيطالية كميزانية رصدت للتنظيم. 

و تجني البرجوازية ملايير الدولارات خلف تسييد ايديولوجية كرة القدم: بناء الملاعب بمبالغ خيالية يتم اقتراضها من مؤسسات النهب المالية العالمية، تنظيم المباريات و حقوق النقل، الاشهار، صفقات بيع الألبسة الرياضية و رقم المعاملات الضخم الذي تحققه الشركات العاملية في هذا الخضم (puma ، nike،…). كل هذه المبالغ الطائلة تؤديها الشعوب من ميزانياتها السنوية على حساب #الحق_في_الشغل_و_الصحة_و_التعليم و غيرها من حقوقنا المقدسة. 

إنه واقع الأزمة و الركود؛ ففي غياب البديل الثوري و الفعل النضالي الوازن لتسييد الثقافة التقدمية، تأخد الثقافة الرجعية مكانها (كرة القدم، المهرجانات، بهرجة القنوات التلفزية....) بغية ضمان المزيد من التحكم في المجتمعات و تدجينها لتأبيد السيطرة على ثرواتها و توجيه سلوكها و جعل الفرد مجرد مستهلك رديئ (و لا أدل على ذلك ثمن الدقيقة، بل بضع ثوان، من الاشهار خلال مباريات كرة القدم؛ ثمن يفوق السحاب...).

و تعمل الانظمة الرجعية جاهدة، استنادا الى الدعاية الاعلامية و الاحزاب الرجعية و الاصلاحية، لتحويل الانظار عن الهموم الثقيلة التي تعانيها الاغلبية الساحقة من الشعوب، رهانها في ذلك على المُسَكِّن / المنوم الرئيسي: مباريات كرة القدم. فتغدو الملاعب من بين الأماكن النادرة التي يتم السماح فيها بالتجمع الجماهيري، في الوقت الذي تتعرض فيه الأشكال الاحتجاجية التي تتبنى الهموم الحقيقية للجماهير الشعبية للقمع الشرس، و يتعرض المناضلون للإعتقال و الإغتيال و شتى أنواع التنكيل.  

فإن دور اي مثقف ثوري هو مواجهة التقافة الرجعية بكل أشكالها و محاصرتها على جميع الاصعدة لضربها و تفكيكها، و ذلك عبر التعبئة و التحريض في اوساط العمال و الفلاحين الفقراء و عموم الكادحين ثم خوض المعارك النضالية الضرورية دفاعا عن مصالحها المادية و المعنوية

. Camarde Ml    10/01/2022





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق