13‏/02‏/2023

نعيمة البحاري // إلى رفيقي المعتقل لا تسجن روح تقاوم .. اللحظة تتطلب وقفة الرجال


مهما ساد الظلام، وعم اليأس، والتذمر، والانبطاح، وارتفاع أصوات بغلاف
الصمت، تدعوا للبقاء على الأناقة، على قول "الحق" بالاشارات وتعلم لغة الاشارات، ولخيار مستقبل الضباب حيث يتشابه العدو بالصديق.. الثوار لا يستسلمون أبدا، وحدهم يظل إيمانهم دائم بامكانية طريق إلى الضوء، إما يجدونه، أو يفتحونه بكل شجاعة ونكران الذات.. إنها القناعة بقوة الشعوب في صنع تاريخها.. إنها لحظة قول لا وانت تمضي في درب التحدي.. في مواجهة القمع  والحصار والتضييق على لقمة العيش والاعتقال والاسشهاد..  

كم مرة اتداول موضوعا ما واعود لاحكي عن أمي وكأني ذاك الطفل الذي يتقن موضوع سقطت الطائرة، فمعذرة أيها القارئ، فأنا بدوري أجد نفسي كأن صوتا يخرج من بئر شربت منه ويوقض الرواسب ثم يعود، وبالمناسبة أتذكر حديثها عن قيمة الرجال ومن يستحق للقول عنه رجل، سواء كان امرأة أو رجل، على حد قولها وهي الفلاحةالتي كانت تقف بشموخ وبيدها المتشققة أداة من ادواتها المستعملة في حقلنا البسيط، وسط الفلاحين، للتداول حول مشاكلهم الخاصة بالاخص توزيع الماء، قالت أن الرجال الحقيقيون هم الذين يقفون ضد الظلم ولو في لحظات قطع الرؤوس، أما المنافقون والكذابون فيلزمون الصمت بل فيهم من ينقلب لمواقع الظالم.. وهذا إن كانت أمي تتحدث عن الرجال فأمي  لم تكن تميز بين الثوار والرجال.. وأنا اقول تعريف أمي أدق تحديد للحديث عن الثوار الحقيقيين.. ليس أكثر من "ينظر"/يتكلم أكثر من يقدر على تنفيذ الموقف، ولا أكثر من يقدر على التنفيذ أكثر من يظهر على الواجهة،.. و"ليس كل من لبس جلد النمر شجاع"،.. فالجعجعة، في فترات الهدوء مع وضع الرؤوس في الرمال لحظة العواصف الحقيقية، ماهي سوى مظهر خادع للشعب وتناغم مع إشارات العدو لخدمة من ألفوا/اختاروا "التشلهيب" سواء في أوساط النقابات أو الجمعيات أو بعض الحركات الاجتماعية، والتي تتعرى، وتنكشف، مع طاحونة الصراع الطبقي.. .اما المناضل الحقيقي لا يحتاج الأضواء المشتعلة ولا للإشارات لكي يؤدي الواجب.. فهو من يحركه وجع قلبه إن كان قلبه يعتصر ألما لما يعانيه شعبه ورفاقه.. فالنسور لا تخون العهد مع الصخور الشامخة في أعالي الجبال.. 

إني لا استغرب وصف من لا يمتثلون لقواعد السائد بالمجانين، والمتهورين، وعشاق السجون لأنهم ببساطة لا يحتملون الوضع الراهن.. لا يقبلون بوجود طبقة من الطفيليين تعيش على امتصاص دماء منتجي الثروة.. لا يقبلون الظلم.. لذا قد يمكنك تشويه سمعتهم  أو الاختلاف معهم أو  تمجيدهم.. ولكن الشيء الوحيد الذي لا يمكنك تخطيه هو تجاهلهم، لأنهم مجانين التحدي ونكران الذات.. لانهم يحطمون سد الصمت لحظة الاجماع على الصمت.. لأنهم مقتنعون بامكانية الشعوب في تغيير العالم.. لأنهم رفاق الشهداء، وهم مشاريع شهداء، ومشاريع معتقلين، ويؤمنون أن الشهداء وحدهم من يكبرون ويستمرون ولا يتغيرون ولا يموتون، وأن المقاوم لا يسجنه السجن، ولا يقتله القاتل..

رفيقي المعتقل، بشكل موجز ودقيق اقول: انت تعلم أن الملف جاهز، وهيئة الظلم مجتمعة، تخطط، وتحسب حسابتها، وتنتظر الأوامر من فوق.. وانت تؤكد   كل أقوالك، كل مواقفك/مواقفنا، بشجاعة ونكران الذات.. لم تتنكر لنضالاتك، ولدعمك لأبناء شعبك.. مهووس لحد الجنون بالتضحية.. بالرفض.. بتحريك المياه الراكدة.. وبحق شعبنا في الخلاص وتقرير مصيره.. وهذا شرف لك وشرف لشعبك، وشرف لرفاقك، وشرف لكل من يصرخ في لحظات الصمت الرهيب.. وفي نفس الوقت يا رفيقي تحدي.. تحدي كل الرفاق.. تحدي المسؤولية أمام محيطك الصغير، محيطنا، وأمام شعبنا.. وتحدي الصمود والمقاومة لأن اعتقالك هو تعميق من طرف العدو لهجوم مدروس  وتكثيف لحصار مخطط له.. 

إنها لحظة دقيقة، لحظة تتطلب، أكثر وأكثر، أن يقف الرفيق بجانب الرفيق وقفة الرجال..

الحرية لكل المعتقلين السياسيين..





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق