03‏/04‏/2023

نعيمة البحاري // "عصر الاكاذيب العالمية" نطوي فاتح أبريل ولا نطوي الأكاذيب


مر فاتح أبريل دون لمسة جديدة..

 مر بئيسا مطأطئ الرأس.. 

خجولا.. 

لماذا يا فاتح أبريل صرت هكذا؟! 

أين أكاذيبك البيضاء التي كثيرا ما كانت تخلق البهجة حين تنفلت من صناع الكذب.. حين تخرج ممن ألفنا صدقهم وبراءتهم.. هل لأنك البريء المتهم الذي يتستر به من ينتفعون بالكذب؟!.. 

لماذا ألصقوا بك الكذب يا فاتح أبريل؟!!

 انا لم أبحث الأرشيف القليل الذي ورثناه، انا منشغلة بأثرك على عصرنا، هل كنت العدوى، الحمامة الوديعة، أم تلك المراة التي يلفها السواد في حضرة السكارى.. أقر انك انتصرت بمعنى من المعاني، إن العدوى لم تنجوا منها ثانية من عمر سنة خلف سنة بعد تحطيمها لسور برلين.. منذ ذاك التاريخ، تحولت أيامنا وحياتنا لفاتح أبريل. عم الكذب العصر بكامله، الكذب بالملايين، والكثير منها، بل جلها،  مستخرجة من المصانع السياسية، من المؤسسات التنفيذية والتشريعية، والمؤسسات الحزبية والنقابية  والجمعيات، والإعلام، والمراكز "العلمية" الرائدة والطفيلية.. 

لما الصمت يا فاتح ابريل؟!.. هل انت بريء من جريمة القتل؛ قتل شعوب تحت يافطة الاكاذيب؛ تدمير العراق حضارة وشعبا تحت أكذوبة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل وبشهادة مقدمة على افواء خبراء وعلماء ما سمي لجنة التفتيش وانت تعرف ما تعني خبراء وعلماء، يا فاتح أبريل؛ تدمير ليبيا وسوريا تحت يافطة جلب الديمقراطية والتخلص من الديكتاتوري؛ سجن الشعوب باسم "كرونا" أضخم أكذوبة في التاريخ؛ تجويع وتفقير أزيد من 80 في المئة من سكان هذا الكوكب باسم التضخم.. هل أنت بريء من افضع جرائم تاريخ عصرنا؟!.  

لا.. لن أبرئك ولن أتهمك..

لن أبرئك بكونك عيد للكذب.. لكن الكذابين سيطروا ونسوك وتجاهلوك، ولم يعودوا يحتفلون بك.. رموا بك يا أبريل.. لم تعد الجرائد العالمية تبدع لأجلك.. 

أخذوا منك كل شيء يا فاتح أبريل ورموا بك لأحضان البؤساء يتعلموا منك كيف ينزع بعضهم من افواه البعض الآخر لقمة ليله الطويل.. كيف يتواكلون، وينهش بعضهم البعض.. أما الصادقون فقد ضيقت مساحتهم وحوصرت كل جهودهم من أجل إيصال الحقيقة.. 

هل حقا أنت وراء كل هذا المختصر الوجيز والذي عمر لأزيد من ثلاث عقود.. 

دعنا من العموميات يا فاتح أبريل، ومن تاريخك مع المجلات والجرائد العالمية وحكومات الحروب والدمار.. لن أذكرك ب 1878 وصحيفة "الجرافيك" النيويوركية بعد اكتشافات أديسون، وإطلاقها كذبة اختراع آلة تحول التربة إلى حبوب والماء إلى نبيذ!.. ولا إلى 1934 مع صحيفة "برلينر إليستريت زايتونج" الألمانية وكذبة اختراع يسمح للإنسان بالطيران باستخدام قوة رئتيه فقط.. ولا بمعهد فرانكلين بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1940 وإعلانه عن توقيت نهاية العالم.. ولا بعام 1993 وصحيفة "إندبندنت" وخبر علماء من أكسفورد ومريست واكتشاف قرية أستريكس في بلاد الغال.. لا يا فاتح ابريل، لا أريد العودة بك إلى تاريخ يبدو قد ابتعد. ما أريده منك هو أن تقف اليوم في مقارنة تاريخك مع أكاذيب أنظمتنا واحزابنا وسياسيينا وإعلاميينا و"علمائنا" اليوم. هل لك ان تنتج ما تنتجه حملاتها الانتخابية وهي تصطاد العناصر الأكثر فائدة للكذب من "السداج" وذوي الذاكرة القصيرة! والبياعة أو أن تعمر كذبتك مثلما عمرت كذبة "المغرب الأخضر و"الأمن الغذائي" بالمغرب والشعب جائع ويجوع والفلاحين الفقراء تبور أراضيهم كما هو اليوم حال فلاحي زاوية سيدي بنعيسى بضواحي مدينة صفرو.. أو كذبة "العهد الجديد" والديموقراطية وحقوق الانسان والسجون مكتضة بالمعتقلين السياسيين.. ناهيك عن الخوصصة وحكاية الازدهار الاقتصادي.. والتغطية الصحية للجميع..  

انت يا فاتح أبريل لم نعد نهتم بك، لا لأننا مللنا كذبك، بل لأن أنظمتنا وسياسيينا وإعلاميينا.. جعلوك بدون فائدة ونزعوا عنك تلك النكهة.. 

إننا لم نعد نتحمل المزيد من الاكاذيب.. 

إننا لم نعد نتحمل شعارات الأنظمة وأحزاب الذل والانبطاح ونقابات العار.. 

ولكن يا فاتح ابريل قلت لك سابقا لن أتهمك: لأني، بكل اختصار، أنا شاهدة على صناعتهم وصناعتك..

يا فاتح أبريل، أنا لا استبعد قدوم أجيال ستلصق بنا لعنة انتصارك، ويكتبون على شاهدنا "عصر الأكاذيب العالمية" إن تمكنوا من دفن آخر لعناتنا.

كم صرنا يا أبريل نتمنى لو كنت أنت الوحيد الذي نحتفل بأكاذيبك، ولو أننا نؤمن أن قول الحقيقة عمل ثوري، وأن القول الثوري دون تطبيق نفاق وكذب هو أيضا..

اعتذر يا فاتح أبريل، انت بدورك مجرد متهم بريء، صحيح أننا لا نثق في طقسك، ولكن كثيرة هي الأشهر التي يتقلب الطقس فيها بسرعة لا تتفوق عليها سوى سرعة تقلبات ألوان سياسيينا.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق