20 يونيو، يوم ذكرى انتفاضة شعبنا سنة 1981، حيث سقط المئات من الشهداء من أبناء شعبنا برصاص النظام دفاعا عن لقمة العيش وحق شعبنا في وطن حر يستفيد أبناؤه من خيراته.
ارتكب النظام جريمته ليستمر الخنق والتجويع والنهب والاضطهاد والاستغلال.. قتل، وسجن، وطارد، ليستمر واقع التشرد والبطالة والتفقير،.. وليؤسس لمغرب "صناعة قوارب الموت" ويحول المعبر المتوسطي إلى المقبرة الرطبة لقوافل من أبناء شعبنا وأبناء أفريقيا تحت الصحراء المهجرين من ديارهم وبلدانهم..
20 يونيو ايضا هو "اليوم العالمي للاجئين" الذي أحدثته الأمم المتحدة في ديسمبر سنة 2000، وتم تخليده اول مرة سنة 2001. وحين نتحدث عن مؤسسة الأمم المتحدة اليوم فإننا نتحدث عن مؤسسة تخدم المصالح الامبرياليات العالمية. فالحديث عن اللاجئين و"تكريمهم واعتبار هذا اليوم هو من أجل حشد التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بعزيمتهم من أجل إعادة بناء حياتهم" من قبل مؤسسة الامم المتحدة هو حديث الواجهة لإخفاء خلفية الضبط والتحكم فيما تفرزه حروبهم، حروب نهب ثروات الشعوب واخضاعها لمصالحم، من ظواهر يتخوفون من تحولها إلى اضطرابات تهدد مصالحهم. وعليه يتدخل المنتظم الدولي من خلال مؤسساته لتوفير شروط الاستغلال المتنوع للمهاجرين واللاجئين بتوفير القوى العاملة الرخيصة المناسبة، وأحيانًا يتم الاستفادة منهم في الأسواق الجيوسياسية، وكل هذا تحت غطاء "إنساني".
فوقوفنا على هذا اليوم، هو اولا: وقوف من زاوية النظر مناقضة لمؤسسات الأمم المتحدة بالرغم أننا نعتمد تقارير وأرقام تصدر عنها، والتي لا تخلوا من خلفيات، والمنتقاة بكل عناية بهدف خدمة إستراتيجيات الأنظمة الامبريالية. ثانيا: نظرا لما تحمله تطورات الإمبريالية مع صعود الفاشية وتوسيعها لرقعة الحرب الامبريالية ليتصاعد معها وضع لا استقرار للأفراد والمجموعات واحتمال المزيد من ارتفاع أرقام المهجرين والتي ستواكبها بطبيعة الحال كوارث إنسانية حقيقية تهدد استقرار المجتمعات البشرية وتفتح الآفاق على المجهول..
ف"اليوم العالمي للاجئين" 2024 يطبعه هذه السنة، وضع اقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه، مصحوب بالإبادة الجماعية على يد الإمبريالية الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ويدهم السوداء المجرمة في المنطقة/الكيان الصهيوني، حرب تحملنا الى عهد محتشد "أوشفتز" و"افران الغاز" حيث كل يوم أرقام مهولة من القتل بدماء باردة، في صور لا يتحملها الضمير الانساني، بالموازاة مع استمرار الحرب الإمبريالية الدموية في أوكرانيا، في الوقت نفسه، تتميز هذه الحرب بالتصعيد الخطير للمنافسات الإمبريالية، وتصاعد تطاحنها على المناطق الاستراتيجية، وتوجيه الإقتصاد نحو التسلح في جميع المراكز الإمبريالية، والتحضير المحموم للحرب، مما يجعل خطر الحرب العالمية الواسعة على البؤر الاستراتيجية تقترب يوما عن يوم. وهو ما عبر عنه بالمكشوف البيان الختامي ل"القمة الاخيرة حول أوكرانيا التي عقدت في سويسرا"، الذي اعربت من خلاله القوى الإمبريالية عن دعمها للحرب وللنظام الأوكراني، حيث تتعارض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي مع روسيا الإمبريالية. وجاء في الإعلان الختامي الذي وقعته الدول التي تدعم الحكومة الأوكرانية بالسلاح والمال، أن "الحرب المستمرة التي تخوضها روسيا الاتحادية ضد أوكرانيا لا تزال تسبب معاناة إنسانية ودماراً واسع النطاق، وتسبب مخاطر وأزمات ذات تداعيات عالمية". وتجدر الاشارة أنه لم توقع على البيان الدول الأعضاء في مجموعة بريكس "Brics" التي حضرت القمة كالهند وجنوب أفريقيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبرازيل الحاضرة المدرجة في قائمة المشاركين بصفتها "مراقب" إضافة الى كل من تايلاند وإندونيسيا والمكسيك.
فاستنادا لبيانات "المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين" يتبين أن كل عام يسجل رقم قياسي جديد لعدد المشردين في جميع انحاء العالم، ففي سنة 2023 وصل رقم المسجلين على لوائح اللاجئين 117.3 مليون وهذه السنة تجاوز عدد المشردين في جميع أنحاء العالم جميع الأعداد السابقة، حيث يقدر بحوالي 120 مليون، أغلبهم من الاطفال. (حسب الرسم البياني للمفوضية المنشور على موقعها على النت).
وحسب تقرير لها، أي "المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين" يشير ان سنة 2023 ارغم 27.2 مليون شخص على مغادرة بيوتهم تحت خطر الحرب وأغلبهم من فلسطين والبلدان الأفريقية الواقعة تحت الحرب.. وهو رقم مهول بحيث يقترب المعدل لحوالي 76.8 الف شخص يوميا مضطر لمغادرة منزله. وهذه نسبة عالية مقارنة بنسب التهجير في القرن الماضي. وهذا دليل أن مخلفات الحروب الحالية كارثية وتفوق مآسيها ما وصلته الحرب العالمية في القرن الماضي، لهذا يبدو أن الكوارث مستقبليا قد تكون فوق التوقع مع تطورات توسع الحرب الإمبريالية التي تلوح في الافق. وتبقى شعارات المؤسسات الإمبريالية في شخص الأمم المتحدة والتي تسوقها في التعامل مع اللاجئين مجرد خداع مادامت لا تتوجه للاسباب الفعلية للهجرة.. مثل ما هو الامر مع قرار "وقف الحرب على غزة"، والذي يعري بالمكشوف حقيقة المنتظم الدولي أمام الرأي العام العالمي..
وفي تقرير ل"المنظمة الدولية للهجرة"، نشر في أواخر شهر مارس من سنة 2024، قدمت فيه حصيلة الوفيات في السنوات العشر الأخيرة، من 2014 إلى 2023، يشير أن الحصيلة في ارتفاع وان الأرقام التي تتواجد بحوزتها "لا تمثل على الأرجح سوى جزء صغير من العدد الفعلي للأرواح التي فقدت في جميع أنحاء العالم". ويمثل الرقم المسجل خلال العام الماضي 2023 زيادة عالمية بنسبة 20% في وفيات المهاجرين، مقارنة بـ7141 ضحية تم تسجيلها في عام 2022، حيث سجل خلالها ما يقارب 8600 شخص فقدوا حياتهم. وتعد منطقة البحر الابيض المتوسط وأفريقيا وآسيا المناطق التي تم فيها تسجيل معظم الزيادات في الوفيات خلال عام 2023، حيث شهدت المنطقتان الأخيرتان عددا غير مسبوق من الكوارث والخسائر المسجلة. ويعد المغرب، دركي الاتحاد الأوروبي، واحد من البلدان ذات الحصيلة المرتفعة. وواحد من اللاعبين في عملية "منع"/قمع عبور "المهاجرين غير النظاميين" للبحر الأبيض المتوسط وهو يقدم صورة للعنف المروع ضد الأشخاص اليائسين والفارين من الحروب ومن الفقر والتجويع، محولا البلد، أي المغرب، إلى معسكر اوروبا للمهجرين بالحروب، لكي لا يتمكن اللاجئون المقتلعون من الوصول حتى إلى أراضي دولة من دول الاتحاد الأوروبي وهي عمليا إنهاء لاتفاقية جنيف بشأن اللاجئين.
هذه هي بوادر "الأمن" وهذا هو "السلام" الذي تشتغل عليهما الإمبريالية وحلفائها الصهاينة والانظمة العميلة والذي ترسم خطوطهما من خلال صعود فاشية العصر إلى المسرح السياسي.
إن المجتمعات الامبريالية قد دخلت في مرحلة لا يمكن فيها حماية احتكاراتها إلا بالحروب. وهذه هي الحقيقة التي يتم التستر عليها. فالهمجية صارت واضحة للعيان، إنها الفاشية، إنها نتاج الملكية. وهي حالة قديمة تتجدد مع أزمات علاقات التملك. حالة لا يمكن محاربتها جذريا دون محاربة علاقة الملكية، لأن الفاشية هي الرأسمالية في أكثر أشكالها الهمجية، باعتبارها الرأسمالية الأكثر وقاحة وقمعا..
هذا هو خيار الرأسمالية العالمية اليوم، الخيار الذي تلطفه من خلال مبادرتها من داخل مؤسسات الأمم المتحدة تحت غطاء الإنسانية. خيار الحروب، خيار قتل البشر، وتفقيرهم، واقتلاع العديد منهم من اوطانهم، واستغلالهم في خدمة استراتيجيتها، وحروبها، وارباحها.. إنها صورة لازمتها ومأزق نظامها في تقديم الخلاص للإنسانية. وهو الأمر الذي يضع مهمة استنهاض مقاومة الشعوب على تصور واضح للمعركة هي المهمة التي لا تقبل التأجيل، وهي مهمة بالدرجة الأولى تنظيمية سياسية ونضالية.