2024/12/26

تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن مع غزة عن مناهضة الحرب الامبريالية.

أمريكا والاتحاد الأوربي والناتو يعلنون من خلال فصيلتهم الامامية في الحروب الجديدة، الكيان الصهيوني/عصابتهم في الشرق الاوسط، عن توسيع مخططاتهم

 الحربية على الشعوب. ليواصلوا القتل والتخريب والتدمير. وضعوا اليمن كبؤرة جديدة لاهدافهم الحربية من اجل إعادة تقسيم العالم طبقا لسايكس بيكو جديد. وتحدث مجرم الحرب الجزار نتنياهو علنًا عن "خريطة جديدة" في الشرق الأوسط. أي حدود جديدة. كما أعلن يوم الأحد 22 دجنبر 2024، بعد اجتماع "المجلس الامني" الصهيوني المصغر، عن وجود مخطط حرب على اليمن، وأضاف أن الكيان الصهيوني سيتحرك ضد المتمردين الحوثيين في اليمن بنفس القوة التي استخدمها ضد “الأذرع الإرهابية” الأخرى لإيران، ويعني "حزب الله" ونظام الأسد المنهار. بل إنه سارع إلى القول أن في هذه المعركة الجديدة: "ترى الولايات المتحدة، بل ودول أخرى مثلنا، في الحوثيين تهديدًا، ليس فقط للشحن العالمي، بل وأيضًا للنظام العالمي". وهو إقرار على المكشوف بكون هذه الحرب هي حرب التحالف الأمريكي الأوربي الصهيوني على مصالح اقتصادية دقيقة، وعلى مخطط النظام العالمي الجديد، ويعني مشروع "الشرق الاوسط الجديد".
ويأتي هذا الاعلان في ظل تطورات سريعة وخطيرة وتغير في الخريطة الأوروبية والشرق الاوسط.
واهمها تقدم روسيا على الجبهة الاوكرانية وإلتهامها للمزيد من الاراضي الاكرانية، وضمها الى روسيا، وتنحو لتضييق الواجهة البحرية لنظام كييف، بالموازاة مع تواصل الإبادة الجماعية ضد شعب فلسطين، التي ينفذها الكيان الصهيوني بدعم من أمريكا والاتحاد الأوروبي والناتو، وتحويل غزة الى مطرح للجثث تستعمل كطعام للكلاب، وتدمير لبنان وانتهاك وقف إطلاق النار الجديد أكثر من مرة، وغزو سوريا وتقطيعها إلى اجزاء واستعداد الكيان الصهيوني لإنشاء منطقة احتلال جديدة، حتى مشارف دمشق! وهو الذي لم يخفي مسؤوليته في اسقاط دمشق، كما اعلن ذلك وزير دفاعه. وهو ما اسفر عن التراجع الجيوستراتيجي لإيران، بعد أن صارت مقطوعة عن حزب الله الصديق وحماس والحوثيين في اليمن، بفقدانها ل"الممر السوري" الذي كانت تستخدمه بعد سيطرة المرتزقة المدعومين من طرف الصهاينة وتركيا وحلفائهما عليه، اي على "الممر السوري".
وبالرغم من التقدم الجيوستراتيجي لتركيا التي نقلت المرتزقة إلى دمشق، إلا أنه تقدم ينطوي على مخاطر حقيقية، بسبب احتمال تشكل "دولة كردية" من صنع أمريكا واسهام الكيان الصهيوني والأنظمة الرجعية في المنطقة، وليس دولة من بناء الشعب الكردي وقواه الثورية، لتفتيت سوريا وضمان النفط والغاز في الشمال الشرقي للبلاد. وهو ما أكده البنتاغون باعلانه أنه سيضمن الوجود الأميركي في شرق البلاد. أي "المواقع" التي تسمح لأمريكا بالتعاون والدعم الذي تقدمه ل"قوات سوريا الديمقراطية" الكردية، لسرقة النفط السوري.
فتركيا لديها نسبة عالية تفوق 20 مليون كردي في الداخل. وايضا إيران لديها نفس المشكلة تماما مثل تركيا، حيث أن مناطق واسعة منها كردية. كما أن العراق، "الصديق" لإيران، يواجه نفس المشكلة تماما. وهذه الورقة سيتعامل كل طرف معها طبقا لمصالحه، فمثلما قد تقود لتحالف تركيا وإيران والعراق، لمنع تشكل الدولة الكردية، مثلما قد تدفع لحرب واسعة وكبيرة جدا قد تبدأ من الجانب الإيراني الذي يراقب الوضع الآن.
وفي هذه الشروط تصاعدت "أصوات" متزايدة من داخل الكيان الصهيوني تقول بأن الآن هناك "فرصة مثالية" لضرب إيران. ومن الدلالة أن وسائل الإعلام الصهيونية ذكرت أن رئيس الموساد "دافيد برنياع"، قال لمسؤولين في حكومة الصهاينة: "يجب أن نضرب رأس الأفعى، إيران - إذا ضربنا الحوثيين فقط، فليس من المؤكد أننا سنكون قادرين على إيقافهم". كل هذا في الوقت الذي يرتقب أن توقع "قريبا" روسيا وإيران اتفاقية الدفاع المشترك المعلنة من طرف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان في 23 أكتوبر 2024 على هامش قمة مجموعة البريكس في قازان.
وفي هذا السياق، تكثفت أيضًا هجمات الحوثيين، مع زيادة عدد الضربات الصاروخية الباليستية ضد الكيان الصهيوني، والتي لا تعترضها "القبة الحديدية". بل أعلنوا يوم الاثنين 23 دجنبر عن اسقاطهم لطائرة أمريكية من نوع F18 في البحر الأحمر. مع استمرار تهديدهم للسفن التجارية العابرة ل"باب المندب" بالصواريخ والطائرات المسيرة، وهو ما تسبب في ضربة اقتصادية للكيان الصهيوني، إذ أصيب ميناء إيلات على البحر الأحمر بالشلل، وكذا ارتفاع تكاليف المواد التجارية لدا كل البلدان المستفيدة من مضيق "باب المندب".
ويعتبر هذا المضيق ورقة رابحة في النزاعات والحروب لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية، "ووفق معطيات وكالة إدارة معلومات الطاقة الأميركية لعام 2018، يمر عبر "باب المندب" نحو 6.2 ملايين برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات والمنتجات البترولية المكررة" باتجاه أوروبا والولايات المتحدة، وإلى الأسواق الآسيوية وهو ما يعادل حوالي %9 من إجمالي النفط المنقول بحرا في العالم، وهناك إحصائيات لسنة 2024 تتحدث عن %12 من التجارة العالمية. لهذا عملت اغلب القوى المتنافسة على تعزيز نفوذها بإنشاء قواعد عسكرية بالاتفاق مع  البلدان المشاطئة له.
وتجدر الإشارة إلى أن اليمن هو الآخر من البلدان التي عانت كثيرًا من أعمال التدمير التي قامت بها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والكيان الصهيوني وغيرها من الممالك الخليجية الرجعية، مثل المملكة العربية السعودية التي قادت ما عرف ب"التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن"، وهو تحالف عسكري من عشر دول بقيادة السعودية، لتشن منذ مارس 2015 غارات جوية على المطارات والقواعد العسكرية والمحافظات التي سيطر عليها الحوثيين بما فيها صنعاء، تحت ما سمي ب"عاصفة الحزم". وبعد حوالي سنتين ونصف من القصف، قُتل خلالها آلاف من المدنيين، أطفالا ونساءً، ودُمرت البنية التحتية الحيوية للبلاد بالكامل تقريبًا، تسبب ذلك في حدوث أزمة إنسانية كبيرة في البلاد حيث أصبح نحو أربعة عشر مليون شخص يواجهون خطر المجاعة، مع العلم ان %80 من السكان يعتمدون على "المساعدات الإنسانية الدولية" في غذائهم، وادى إلى تجزيء اليمن بين مناطق سيطرة الحوثيين المدعومين من قبل إيران وهي المناطق ذات كثافة سكانية المتحكمة في اهم الموانئ، وبين مناطق سيطرة حكومة عبد ربه منصور هادي الفار، المعترف بها دوليا، والمدعومة من طرف المماليك الخليجية، وهي مناطق صحراوية.
والحرب على اليمن هي حرب لتامين المصالح الكبرى على مضيق باب المندب، هي حرب حاسمة للاقتصاديات الأوروبية والأمريكية والصهيونية.
لذا الدراما لم تنته بعد رغم مئات الضحايا في فلسطين ولبنان وسوريا.
فكل المؤشرات تقول أننا سنظل نعاني من الكثير من الدماء والدموع والعرق من أجل ارباح الشركات المتعددة الجنسيات وانقاذ الامبرياليات من الانهيار.
ففي خضم الفوضى الظاهرة، ومع دماء الناس، يتم رسم حدود جديدة وتأثيرات جديدة، واحتلالات جديدة وتوسع جديد، ومجازر جماعية جديدة، و"غزات" (من غزة) جديدة، وكل هذا من أجل إنقاذ نظام رأس المال.   
اليابان وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والعديد من البلدان الأوربية تؤشر لبداية تدهور اقتصاداتها وكذلك فرنسا التي فقدت بالفعل بعض مستعمراتها في أفريقيا. وهذا يضع منطقة اليورو تحت تهديد حقيقي وبامكانية الانهيار بسرعة وبصوت عال.
كما ان امريكا التي فكت ارتباط الدولار بالذهب منذ أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون سنة 1971، بعدما تحول الدولار الأمريكي لسلاح فتاك لدى الولايات المتحدة الامريكية، دون أي نظير من الذهب أو الثروة الإنتاجية، تنظر بجدية للأشواط التي قطعها قرار الصين بمحاولة إزالة الدولار من التجارة الدولية، وكيف اتبعت على طول الطريق، روسيا بوتن هذا الجهد ثم الهند ودول أخرى، وإحالة الولايات المتحدة إلى حقيقة اقتصادها. مع العلم ان أمريكا هي الدولة الأكثر مديونية على وجه الأرض بحيث تصل مديونيتها إلى ما يفوق 36 تريليون دولار، فمع إضعاف الدولار قد لا نستبعد أن يحتاج شعب الولايات المتحدة إلى مساعدات غذائية من جميع شعوب العالم في المستقبل! فقد أكلت الرأسمالية المهيمنة في الولايات المتحدة خبزها.
وبالمناسبة نتذكر أنه عندما قرر معمر القذافي من ليبيا وصدام حسين من العراق بيع النفط بعملات غير الدولار، دمرت القوات العسكرية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بلديهما. وكانت نهايتهم موتًا مروعًا ومعذبًا. فرأس المال يعرف المصالح والأرباح ولا يعنيه الاعتراف بالجميل.
فأمريكا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، يعرفون، أكثر من غيرهم، الآن، ما معنى خسارة الحرب وفقدان مواقع جيوستراتيجية، بكونها ستنتهي بالخسارة في المنافسة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية مع مجموعة البريكس، القطب الصاعد، بالموازاة مع انحدار في الدولار وتأثيره على اقتصاديات عالمية غارقة في أوراق مالية دون قيمة.
إن قطار الرأسمالية العالمي في "منعطف"، وهذا يعد فرصة عظيمة للشعوب المكافحة، وفي مقدمتها القوى المنتجة للثروة، وادواتها السياسية الثورية، لإخراجه عن مساره، كما ستكون كارثة حقيقية لاي تخلف عن تنظيم المواجهة لهذه الحرب الرجعية،..
لهذا اليوم لا معنى للتضامن مع غزة اذا لم يكن في سياق مناهضة الحرب الامبريالية العالمية، والعمل على هدم عروش اللصوص الدوليين، وانظمة وكلائهم في البلدان الخاضعة، سوى تشريع الابواب لقوى رجعية، ظلامية وشوفينية، لتضليل الشعوب وخلط الاوراق.  
فعملية الفصل بين ما يجري في غزة عن مخططات الامبريالة في إعادة توزيع الأرض، بين اللصوص العالميين، وتقاسم الغنائم وإعادة رسم الحدود في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، التي طالت معاناتها، يفتح الباب للقوى الرجعية لخلط الأوراق وتضليل الشعوب وتقديم نفسها كمدافع شرس عن القضية الفلسطينية ومناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبالمقابل يسمح لها بالتموقع مع نفس الكيان بسوريا وهي توزع بين اللصوص ويقتطع الكيان الصهيوني والقوى الامبريالية والأنظمة الاقليمية اجزاءها تحت راية المرتزقة "الجهاديين".
إن ما يجري في غزة لا ينفصل عن مخطط القتل لتقاسم الغنائم وإعادة رسم الحدود في المنطقة بتحويل لحوم شعوبها طعاما للمدافع وباستعمال "الجهاديين" المرتزقة ومختلف الجماعات  الظلامية، المتباينة المماثلة، كأدوات متعددة ومدعومة ومتحكم فيها، مفيدة إما كقوة ضاربة تخفي خلفها مشاريعها وأياديها الاستعمارية مثلما هو الامر الآن في سوريا، أو كذريعة لتعزيز المخطط الامبريالي القاتل كما الأمر مع "داعش" و"القاعدة"..
إن تكتيك الامبريالية حين تأتي بالمرتزقة "الجهاديين" لاستعمالهم كفصيلة ضاربة لتنفيذ مخططها الاستعماري تواكب العملية باعداد دعاية اعلامية وسياسية لغسيلهم واستنبات زهور "القيم الانسانية" حولهم كما يطلبها الغرب.. بالرغم ان تجربة سوريا، بعدما استغلتها القوى الاستعمارية لقطع رؤوس الناس على الهواء مباشرة، وتدمير الآثار الانسانية ذات القيمة التي لا تقدر بثمن، ونسبها "للجهاديين" لتبرير تدخلهم الاستعماري المباشر كما فعلت امريكا في الشمال الشرقي لسوريا، إلا ان تطوراتها السريعة فرضت عليهم التسريع في عملية الغسل الشيء الذي جعل العديد من أفلام التجميل تحترق وتخلف دخان الفضائح.
لهذا يعد الفصل بين المجازر الجماعية في غزة، والقتل والدمار والتفتيت للمفتت لإعادة تقسيم الكوكب بين اللصوص، موقف يخدم أدوات الأعداء في شخص القوى الظلامية في تضليل الشعوب، ويترك مساحة للرجعية وللامريالية لامتصاص غضب الشعوب، ولإقامة احتفالات على سقوط دمشق بين مخالب اللصوص وهم يوزعون ثرواتها وصفقات المشاريع الكبرى بينهم على إيقاع رقصات من ضللتهم قوى الظلام والشوفينية والمثقفين البياعة.

 26/12/2024




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق