أن يذل المدرس أو أن يهان من طرف النظام وأجهزته القمعية يوم 02 أكتوبر 2016 (والموظف وعموم أبناء شعبنا)، حقيقة متوقعة ومألوفة منذ الزمن الغابر، أو على
الأقل منذ الخمسينات من القرن الماضي.. فمن ينتظر غير سياط وهراوات مختلف أدوات القمع واهم أو متواطئ.. والأمر لا يقف عند المس بالكرامة، في العلاقة بالسلامة الجسدية، بل يطال أيضا السلامة المعيشية (الجيب) والطموحات والآمال والمستقبل (مستقبل أجيال). فغنى بورجوازيتنا الهجينة يقوم على تفقير أوسع الجماهير الشعبية، بداية من العمال والفلاحين الفقراء والمهمشين (طلبة ومعطلين...) الى الموظفين والمستخدمين الصغار والمتوسطين بمختلف القطاعات، ومنها بالخصوص التعليم والصحة. إن غنى هذه البورجوازية الحقيرة المحمية من طرف النظام القائم والعميلة للامبريالية يعتمد نهب خيرات شعبنا وتسويقها بالجملة والتقسيط، وبالحديد والنار.. هذا الغنى الذي يضمن النجاح لأبنائهم ويصنع الفشل/حتف أبنائنا..
فلم يعد غريبا أن نقمع بشراسة من طرف النظام وأزلام النظام وبمباركة الأحزاب السياسية والقيادات النقابية، وفي خضم "عرس الديمقراطية" (الانتخابات التشريعية أو مهزلة 07 أكتوبر 2016).
فليقرأ التاريخ من لم يعش مجازر 1979 و1981 وغيرها، وطبعا قبلها وبعدها.. ولنقرأ عن "إيكس-لي-بان" لنعرف تاريخنا وحقيقتنا، أيها المدرسون.. هل نعيش "الاستقلال" حقيقة، أم الاستعمار؟
كما لم يعد غريبا كذلك أن تسقط قرارات وإملاءات المؤسسات المالية الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...) فوق رؤوسنا (التقويم الهيكلي، الترشيد...)، وأن نؤدي فاتورات غيرنا من ديون داخلية وخارجية ومن صفقات خاسرة ومن جرائم فساد غير خافية..
ولم يعد غريبا أن نصير فئران تجارب (الميثاق الوطني، المخطط الاستعجالي، الرؤية الاستراتيجية...) وآليات ميكانيكية لتمرير المخططات الطبقية (رغما عنا) في أبعادها التربوية والثقافية المكرسة للتخلف والضامنة لاستمرار الهيمنة الطبقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
إن الغريب هو أن تردد سلطات التربية والتكوين شعار "تقدير المدرس وتحسين أوضاعه المهنية" كما اختارته منظمة اليونسكو كشعار لهذه السنة، وهي أبعد ما تكون عن هذا الشعار، شكلا ومضمونا..
إن الغريب، بأحد المعاني، هو أن نساق (ليس بالضرورة عن طيب خاطر، بل كرها وتحت الضرورة) الى أسواق النخاسة من طرف ممثلينا النقابيين الانتهازيين.. لا أتحدث هنا عن الأحزاب السياسية، فآخر من يمكن أن تنتبه اليه هذه الأخيرة هم نساء ورجال التربية والتكوين.. فغياب "أحزابنا" (كائنات بهلوانية) خير من حضورها..
إن الغريب أن تتاجر في معاناتنا القيادات النقابية المحسوبة علينا (رغما عنا)..
أليس "ظلـم ذوي القربـى أشــدُّ مضـاضـة على المرء من وقع الحسام المهند"..؟
إن الغريب أن تتشفى فينا يوم 02 أكتوبر 2016 القيادات النقابية المحسوبة علينا (الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل)..
إن الغريب أن يصمت "رفاقنا" من داخل هذه الهياكل الميتة على القمع الذي طالنا طولا وعرضا وبدون حساب..
إن الغريب أن نقبل "تضامن" نقابات مورطة في الإجرام في حقنا. وأقصد الجامعة الحرة للتعليم التابعة لحزب الاستقلال، بل المؤتمرة بأوامر المافيوزي شباط. وكذلك الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (الاتحاد الوطني للشغل) التابعة لحزب عدو المدرس/الموظف، الذي وضع نفسه خادما مطيعا للنظام وأسياد النظام..
الغريب أن تضع القيادات النقابية المحسوبة علينا يدها في يد المافيات النقابية..
الغريب أن تسكت القيادات النقابية المحسوبة علينا عن الذل الذي لحقنا وعن الإجرام الذي استهدفنا والسرقة لعرق جبيننا وعن طمس وإقبار تضحياتنا..
فلو وقفت النقابات بصدق ونضالية الى جانب المدرس فعلا، لما تم تمرير "خطة التقاعد" الكارثية..
وها هي مرة أخرى غائبة عن تمرير مشروع قانون الإضراب بالمجلس الوزاري..
إنها تبحث عن "ماء الوجه" في الوقت الميت، أو بلغة الرياضيين "الوقت بدل الضائع"..
إن التاريخ يشهد على تواطئها وخيانتها المفضوحين..
وستحاسب الحساب العسير بدون شك، آجلا أم عاجلا..
ومن نسي أو تناسى إجرام المحجوب بن الصديق وعبد الرزاق أفيلال وغيرهما، فإنه يستحق أن يداس بأقدام موخاريق والأموي وغيرهما..
فبأي معنى أو دلالة سيستقبل المدرس "اليوم العالمي للمدرس"؟
وأي "تهنئة" بهذه المناسبة ليست سوى أكذوبة مفضوحة وإهانة لذكاء المدرس..
إنه الضحك على الذقون، من طرف النظام وأزلام النظام وكذلك القيادات النقابية المافيوزية..
وفي جميع الأحوال، لنا ذاكرة، وذاكرة حارقة.. ستحرق بدون شك كل أعداء شعبنا..
شارك هذا الموضوع على: ↓