2019/04/10

حمان الأطلسي //انضمام الجيش الى الثورة: أي معنى...

تجربة "انضمام" الجيش الى الاحتجاجات سواء في الجزائر والسودان الآن،
أو مصر وتونس سابقا، تثير كثيرا من التساؤلات حول التوازنات الطبقية والنتائج النهائية. أولا، هل هو انضمام الجنود الفقراء والمقموعين الى عموم الشعب الكادح؟ أم انضمام مؤسسة الجيش الى الاحتجاج من أجل تحصين شكل المؤسسة والحفاظ على مضمونها وموقعها ضمن التوازنات المستقبلية؟ وهذا طبعا، أي التساؤل الثاني، بعد ضمان أن يكون التغيير سياسيا شكليا، وليس تغييرا جذريا، أي التغيير الذي يمس بعض الرموز والشخصيات وفي أحسن الأحوال تبديل برجوازية كمبرادورية بأخرى تكون تابعة للإمبريالية بمختلف مؤسساتها وأجهزتها. 
طبعا لنا دروس في تجارب متعددة، ومنها تجربة العراق مثلا. فالتدخل العسكري الأمريكي وحلفاء أمريكا استهدف بالأساس مؤسسة الجيش. وقد ترتب عن ذلك العديد من الخسائر السياسية والعسكرية. إنه درس للشعوب وللإمبريالية أيضا. منذ ذاك الوقت، سعت الامبريالية لجعل المؤسسات العسكرية في الدول التبعية مؤسسات غير مستقلة، وذلك بإغراقها بالامتيازات، سواء الدعم المالي واللوجستيكي كما هو الشأن سابقا وحاليا بمصر أو الجزائر أو السودان أو غيرهما... 
إذن ما هو الهدف من انضمام المؤسسة العسكرية للاحتجاج، خصوصا في ظل غياب قيادة ثورية منظمة وواضحة سياسيا وإيديولوجيا تمتلك مشروعا ملموسا تكتيكيا واستراتيجيا للمرحلة؟ لنقل إن أسهل طريقة للإمبريالية حين تبلغ إرادة الشعوب المضطهدة الى قناعة التغيير الجذري هي إيجاد طرف قوي يمكن أن يستوعب الوعي العفوي الحماسي الى جانبه وطرف له من القوة ما يكفي لاحتواء مطلب التغيير الجذري، لتحويل الثورة من مضمون جذري قاطع الى طابع إصلاحي شكلي وروتيني... فبدل تغيير النظام كليا، يتم صرف أنظار الشعب الى الفتات والاصلاحات التافهة التي لا تتماشى وحجم التضحيات المقدمة... 
إن انضمام الجنود كفئة فقيرة الى الثورة له بالغ الأهمية... لكن، هل انضمامهم سيكون عفويا؟ طبعا، من السذاجة اعتقاد ذلك... أولا، لأن الجنود ينتمون لمؤسسة ذات انضباط حديدي صارم. وثانيا، هو الوعي الذي عاشه ويعيشه الجنود يوميا في الثكنات يجعلهم مؤدلجين بثقافة النظام أكثر رغم وجود وعي جنيني لديهم منبعث ليس من وعي أو كتب، بل من واقع الاضطهاد الذي يعيشونه... لذا، ألح لينين إبان الثورة البلشفية على التعبئة الحزبية في صفوف الجنود، إيمانا منه بأهمية هذه الفئة الفقيرة الى جانب العمال والفلاحين الفقراء... ولم يستهدف استمالة المؤسسة العسكرية كمؤسسة عسكرية، بل الجنود الفعليين بوعيهم الثوري، وليس بانضباطهم الحديدي لضباطهم... 
لذا، فعلى الشعوب المنتفضة أن تستوعب الدروس، وأن تفهم أن أي ثورة ما لم تحطم البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الطبقي، وما لم تؤسس جيشا لها مستقلا طبعا حسب التوازنات أو على انقاض المؤسسة القديمة لتحصين الثورة، فإن النتيجة ستكون كمصر وتونس وغيرهما؛ أي مجرد إصلاحات لا غير، تشبه ضرب بعوضة بساطور أو بدبابة...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق