05‏/10‏/2019

حسن أحراث // معتقلون سياسيون أم منسيون سياسيون!!

إنهم معتقلون سياسيون.. إنهم مختطفون سياسيون..
إنهم منسيون سياسيون..
في الذكرى 55 لاختطاف عبد الحق الرويسي


ببلادي المغرب، تلاحق الزوابع الإعلامية المصنوعة، المرئية والمسموعة والمكتوبة والالكترونية، الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وكثيرا ما تكون أحداثا تافهة ومرسومة حسب المقاس. فلا تكاد تمر واقعة دون ضجيج و"نميمة" وإثارة... ويحصل أن يثار حولها الجدل والنقاش "الفقهي" والقانوني والسياسي، وترى بالتالي "التنظيرات" من كل صوب وحدب، لدرجة تعتقد أمامها أنك أمام عباقرة ومفكرين أو مثقفين لا يشق لهم غبار... وفي الأخير، أي في العمق، تجدها اتهامات واتهامات مضادة وتفاهات وتناقضات فجة ومتابعات سطحية وذاتية.. وقد تصاب بالغثيان، دون ريب..
ولا يخفى أن وراء ذلك جيوشا مسخرة، لخلط الأوراق وممارسة التضليل وحجب الرؤية وطمس الأحداث القوية والمؤثرة التي من شأن تسليط الضوء عليها كشف الحقيقة وتعرية الواقع وفضح المتورطين في جرائم النهب والاستغلال والاضطهاد والقمع... ويسعى النظام وأزلامه المطيعة الى إسقاط المناضلين في فخ ردود الأفعال والانسياق وراء "البهرجة" العقيمة، والأخطر من ذلك إقحامهم في حضيرة "الخنازير" وتلويثهم..
وليس الإعلام وحده من ينفذ أو يقوم بهذه المهام القذرة، رغم خطورة آلياته المتجددة في توجيه الأنظار وصنع الأحداث والرأي العام. فجل الأحزاب السياسية والقيادات النقابية والجمعوية متورطة حتى أخمص قدميها في هذه المؤامرات الشنيعة التي تخنق شعبنا وتشدنا الى الوراء، مقابل الاستفادة من الفتات والسكوت عن فضائحها وعن أوضاعها الداخلية التي يغيب فيها التدبير الديمقراطي والشفافية المالية والمصداقية..
فترى البلاغات والبيانات واللجن والشعارات والتصريحات و"اللايفات" وعرائض التضامن حول أحداث وأخرى. ونادرا ما ترى ذلك حول المعتقلين السياسيين والمختطفين وعائلاتهم أو حول العمال والفلاحين الفقراء والمعطلين والمهمشين. وإن حصل ذلك بشكل من الأشكال ومن حين الى آخر، فمن باب "فرض كفاية" (إذا شمل البعض سقط عن الكل). وتتجند الائتلافات غير المنسجمة حيث التمويل، وخاصة الأجنبي، وحيث الكاميرات "شاعلة" وأعين الخارج مفتوحة وأحيانا جاحظة، لالتقاط الصور وتوزيع التصريحات و"النفخ" في الميكافونات والميكروفونات أمام البرلمان ومقرات الوزارات وإبان الوقفات والمسيرات الروتينية...
إنهم "ديمقراطيون" بدون ديمقراطية، و"حداثيون" بدون حداثة.. وهناك "يساريون" (محسوبون عن اليسار) ولا علاقة لهم باليسار..
وهناك "مناضلون" (محسوبون عن الصف المناضل) ولا علاقة لهم بالنضال.. كلام نهارهم يمحوه الليل، وكلام ليلهم يمحوه النهار.. فلا تكاد تقرأ لهم مقالا أو منشورا أو حتى كلمة حول حقارة زعمائهم وأسياد نعمتهم.. "أسد" أمام المناضلين وأرانب أمام الثعالب..
وهناك مجندون/مرتزقة مع من يدفع أكثر..
إنه "النسيان" (التناسي/التجاهل) الممنهج..
مثال ذكرى اختطاف عبد الحق الرويسي (04 أكتوبر 1964)، أين الوقفات ورموز/كراكيز الواجهة المتخصصين في اقتناص الملفات "الساخنة" وامتطائها لصنع المجد المصطنع...؟!! بدون شك، ينتظرون المناسبات الأكثر إثارة والأكثر اهتمام من طرف هذه الجهة الانتهازية أو تلك.. فلا مبدئية ولا مسؤولية غير الذاتية المفرطة والانتهازية المقيتة..
بالفعل، نتحمل المسؤولية نحن كذلك (مناضلون وعائلات ومعنيون أيضا من داخل السجون ومن خارجها) في توفير المعلومة وفتح قنوات التواصل وإنتاج التغطيات لمختلف النضالات وتفجير المعارك. لكن رغم ذلك، هناك التضييق والتعتيم والإقصاء والحسابات السياسوية والمصالح الضيقة والكيل بمختلف المكاييل..
والخطير، أن يندس المرتزقة، هنا وهناك وبتمويل مشبوه، من أجل إجهاض أي مبادرة نضالية لخدمة قضية الاعتقال السياسي، باعتبارها قضية طبقية. فترى التشويش في صفوف المناضلين والعائلات والافتراء في حق المناضلين الصادقين، وكل ذلك بغاية تكريس التردي وتشتيت الجهود وعرقلة أي بناء يستهدف الانفلات من قبضة النظام القائم.
نقول للتاريخ، شئنا أم أبينا، هناك معتقلون سياسيون منسيون على طول بلدنا الحبيب وعرضه، وهناك مختطفون منسيون، وهناك عمال منسيون، وهناك فلاحون فقراء منسيون، وهناك معطلون منسيون، وهناك مهمشون ومشردون منسيون..
نقول للتاريخ، هناك شعب منسي بأكمله..
نقول للتاريخ، هناك شعب صامد ومكافح..
نقول للتاريخ، النظام الرجعي العميل للامبريالية مصدر معاناة شعبنا ومآسيه؛
نقول للتاريخ، وحدها النخبة المريضة ترفل في "النعيم" المذل، ماديا ومعنويا..
نقول للتاريخ، وحدها النخبة المريضة تستفيد من الإعلام والفتات (طبعا بتفاوت وحسب درجة الولاء والانبطاح) وتساهم في تكريس واقع التردي والتخلف..
نقول للتاريخ، النخبة المريضة، أحزاب سياسية وقيادات نقابية وجمعوية، من أكبر المعيقات أمام تقدم شعبنا في طريق تحرره وانعتاقه...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق