يلاحظ إبان كل ذكرى شهيد ازدحام "الأوفياء" على قبره (أقصد الازدحام الافتراضي). ويلاحظ أيضا تعاظم "الانتماء" الى الشهيد (عفوا، أقصد أيضا الانتماء الافتراضي).
ويطرح بالتالي السؤال: كيف أمام هذا الحشد "العظيم" من "الأوفياء" و"المنتمين" أن تستمر المعاناة والظلم والاضطهاد، وأن يتفاقم التردي الاقتصادي والاجتماعي وأن يتواصل مسلسل الإجرام والمهادنة والتواطؤ... ؟!!
كيف يسود البؤس في مناطق متعددة من بلادنا، المغرب المنسي، المغرب غير النافع أو المغرب العميق؟ وكيف يتستر على الفساد المفضوح؟ وكيف تنهب خيرات شعبنا أم أعيننا؟ وكيف تحاك المؤامرات تلو الأخرى وكيف تحبك المسرحيات المبكية وتنظم مهرجانات الميوعة، وكيف تذبح الديمقراطية وتنتهك حقوق الإنسان، وكيف يغرق خيرة أبناء شعبنا في غياهب السجون، وأعين "الأوفياء" و"المنتمين" مفتوحة، بل جاحظة؟!!
وكيف تتناسل الإضرابات والوقفات والمسيرات وحتى العناقات والتقاط الصور بدون نتيجة؟!!
وبمعنى آخر أكثر وضوح: ما هو أثر "الأوفياء" و"المنتمين" للشهيد، ليس لسنة واحدة، بل لسنوات عديدة على واقع شعبنا؟!!
الجواب الصريح: أرض محروقة وتعتيم وتضليل وانبطاح، بل ومساومة..
والجواب "المستفز" هو تهافت "المتهافتين"، ليس ارتباطا بالشهيد واقتناعا بقضيته، بل فقط لاكتساب "الشرعية النضالية" وتوظيفها لقتل الشهيد وقبر قضيته، ثم تسلق سلم الارتقاء الطبقي والتقاط الفتات.. ولائحة "المتهافتين" موثقة وطويلة، لسوء حظنا...
وهناك أسئلة أخرى لا يمكن القفز عليها: كيف لرفاق شهيد أن يبيعوا الشهيد؟!!
كيف "يتوضأ" رفاق شهيد بدم الشهيد؟!!
كيف "يموت" الشهيد المرة تلو الأخرى، والبشاعة أن يتم ذلك بتواطؤ "رفيقه"؟!!
بدون شك، لا أعمم.. فأيضا لائحة الأوفياء والمنتمين حقا (قولا وفعلا)؛ لا أقول طويلة، بل حاضرة ومزعجة..
لن أجيب عن الأسئلة المطروحة، فتفسير الواضحات من المفضحات..
فقط، أختزل القول، وأتساءل: كيف لمن لا يفي بعهد رفاقه (خارج السجن أو داخله) أن يفي بعهد الشهداء؟!!
يتنكرون لرفاقهم (خارج السجن وخاصة داخله)، ويختبئون في عباءة "الوفاء" و"الانتماء" للشهداء..
"يقتلون" رفاقهم تملقا للزعامة والنجومية والمستقبل الآمن والمضمون..
يفتعلون "الاختلاف" لتبرير التنكر والخيانة والقتل...
التنكر (و...) أقبح من "الوفاء" و"الانتماء"..
ومادام عدد المتنكرين لرفاقهم كبيرا، فعدد "الأوفياء" و"المنتمين" للشهداء لا يمكن إلا أن يتكاثر وأن يتعاظم.. إنه شكل من أشكال "التكفير عن الذنب".. وإنه أيضا احتماء بالشهداء..
والخطير، أن يكون "التزلف" ("الوفاء" و"الانتماء") تشويشا على المناضلين والشهداء في آن واحد، خدمة لأجندات بعيدة عن القضية، قضية شعبنا..
الخلاصة: من لا يفي بالعهد لرفاقه (خارج السجون وداخلها)، لا يفي بالعهد للشهداء..
إن الوفاء للشهداء يبتدئ (أخلاقيا) من الوفاء للرفاق المناضلين خارج السجن وداخله..
ومن لا يعرف الوفاء (كما الصدق) ليس مناضلا..
ومناسبة القول: زيارة وفاء لرفاق أوفياء بعد حوالي ثلاثة عقود من الغياب...
كل المعذرة والوفاء..
شارك هذا الموضوع على: ↓