2023/03/19

وكزيز موحى // الازمة المالية من صميم النظام الرأسمالي


لا أحد، بما في ذلك المدارس الاقتصادية اللبيرالية، يستطيع الان ان يتنكر
لواقع أن الازمات والعواصف المالية عنصر من العناصر المشكلة للاقتصاد الرأسمالي. أصبح الامر واضحا ولو في حدود امتلاك وعي سياسي حسي او اولي من طرف مجموع الشعوب عالميا. يختلف الوضع الاقتصادي وتناقضاته من بلد الى اخر الا ان المنظومة المالية باختلافها من بلد الى اخر تبقى محكومة بقوانين الاقتصاد الرأسمالي عامة. 

مناسبة تناول هذا الموضوع هو الازمة الحالية التي تهدد بعواصفها وتداعياتها النظام الرأسمالي داته في اكثر من بلد والتي انطلقت من احدى بنوك الولايات المتحدة (Silicon Valley Bridge Bank).

النقد او العملة (la monnaie)

تصنف العملة الى ثلاث اصناف، النقد الالزامي(monnaie fiduciaire) والنقد المصارفي (monnaie scripturale) والنقد الرقمي(monnaie électronique).

يتشكل النقد الالزامي من الاوراق النقدية والقطع النقدية وهو من الاختصاص الحصري للدولة ويتم سك هذا النقد من طرف البنك المركزي التابع للدولة ويتم تحديد قيمته المالية وفق معايير اقتصادية وسياسية أي ان الكثلة النقدية محددة ومحدودة. في حال التضخم (inflation)، انخفاض الاجور وارتفاع  الاسعار، هو في الحقيقة والواقع نتيجة عملية مالية يقوم بها البنك المركزي تتجلى في الزيادة في الكثلة النقدية الالزامية وخفض قيمة النقد الالزامي داته. 

اما النقد المصارفي او اموال الصرف فهو الكثلة النقدية المعروضة والمتداولة ويتم نشأتها من طرف الابناك التجارية وخالية من وجود مادي وهي الاكثر تداول بين الفاعلين الاقتصاديين  من شركات، تجار، افراد، الخ (90 بالمائة من الكثلة النقدية العامة). وهذا ما يستلزم تجاه هذا النقد المصرفي الثقة من طرف الفاعلين /الوكلاء الاقتصاديين.  

الازمة

في حال غياب الثقة بالنقد المصرفي  يلجئ الجميع الى الابناك التجارية مصدر هذا النقد لسحبه من حساباتهم وتحويله الى نقد الزامي. وهنا المعضلة لان الابناك التجارية لا تتوفر على الكثلة النقدية الالزامية الكافية لتلبية طلبات زبنائها من شركات او افراد او هما معا والبنك التجاري اصلا لا يتوفر الا على قدر ضعيف جدا من النقد الالزامي الدي هو من التخصص الحصري للبنك المركزي للدولة، أي ان البنك التجاري، لا يمكنه سك النقد ومن اجل الحصول على النقد الالزامي لا خيار امامه الا الاقتراض والحال هذا بمعدل مرتفع للفائدة.

اذا اضفنا عامل التضخم بمعنى فقدان القيمة من طرف النقد الالزامي والزيادة في سكه  وغياب الثقة في النقد المصرفي والسحب الجماعي لهذا الاخير قصد تحويله الى نقد الزامي وارتفاع معدل فوائد القرض، كل هذا على ارضية ازمة اقتصادية واجتماعية عميقة تحكمها تناقضات وصراعات طبقية تنفجر سياسيا ونقابيا واجتماعيا كما هو الشأن الان بفرنسا، يمكن لمعطى ما (السحب الجماعي، ارتفاع فائدة القرض مثلا) ان يتغير في الدوائر والمؤسسات المالية كما حدث الان بSVB BANK ان يحدث ما يسمى باثر التدبدب الفراشة او اثر الفراشةeffet papillon  وتقع هزة كونية في النظام الراسمالي المالي المتشابك. 

في ضل النظام الرأسمالي تتمتع مؤسساته المالية بما في ذلك المؤسسات المالية العامة كالبنك المركزي باستقلالية يجعلها دائما في دورة البحث عن الربح والفائدة في اسرع وقت وهي في دلك في تناقض مستمر حتى مع ابسط الخدمات الاجتماعية والرأسمال انسجاما مع طبيعته لا يقبل بالحواجز لكي ينمو  ويتكاثر وانطلق يغزو فضاءات واسواق جديدة  في مجال المال والرقمنة  كل هذا يندر بانفجارات جديدة.   

وكزيز موحى، فرنسا، 19/03/2023

  




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق