يعيش الحقل السياسي المغربي مفارقات عجيبة.
إنه ليس غريبا أن نسمع عن تنسيق فدرالية اليسار الديمقراطي المكونة من حزبي المؤتمر الوطني الاتحادي والطليعة الديمقراطي الاشتراكي مع حزب العدالة والتنمية (انظر الوثيقة رفقته)، علما أنه ليس بالبعيد تنسيق الفدرالية مع ما يسمى بالأحزاب الإدارية مباشرة بعد اللعبة "الديمقراطية" ليوم 8 شتنبر 2021. ورغم إصدار بعض البلاغات "الرافضة"، فالواقع كرس ذلك وسار عليه دون اتخاذ الإجراءات التنظيمية الحاسمة.
لم نستغرب والحال هذه تنسيق الفدرالية التي تدعي الديمقراطية والتقدمية مع حزب رجعي. المثير والذي يستحق الاستنكار هو التنسيق مع حزب ظلامي متورط في اغتيال شهيدين قريبين منها، وهما عمر بنجلون ومحمد أيت الجيد بنعيسى.
من جانبنا، نفضح وندين هذه الممارسة الانتهازية التي تقتل الشهداء من جديد، والمتناقضة مع الشعارات المضللة المرفوعة، ونسجل استغرابنا للتعايش معها تحت سقف واحد والسكوت عنها من طرف أسماء لا تتوقف عن ادعاء الانتماء للشهيدين بنجلون وأيت الجيد.
فبعد تنسيق حزب النهج الديمقراطي مع جماعة العدل والإحسان الظلامية وبعد تنسيق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في إطار الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان مع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان (الذراع الحقوقي لحزب العدالة والتنمية الظلامي)، تطل علينا فدرالية اليسار الديمقراطي بتنسيقها مع حزب العدالة والتنمية الرجعي.
كيف وهذه "الخلطات" الغرائبية ألا يستفحل قمع النظام واضطهاده واستغلاله لشعبنا؟
كيف ووضعنا البئيس ألا تدعو القيادة البيروقراطية بالاتحاد المغربي للشغل الى التصويت لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار الرجعي؟
كيف وتخاذلنا ألا تدعو القيادة البيروقراطية بالكنفدرالية الديمقراطية للشغل الى التصويت لفائدة الفدرالية المتورطة في هذه الفضيحة؟
إن المتتبع لهذه المهازل يدرك في العمق أسباب الحصار السياسي والإعلامي الذي يعانيه المناضلون الجذريون.
ومن يستوعب هذا الواقع الموبوء يفهم لماذا يرفض المناضلون الجذريون أي دعوة للتنسيق أو التحالف لا تحترم قضية شعبنا وشهدائه ومعتقليه السياسيين...
ولا يسعنا أمام هذا السقوط المدوي وعشية تخليد ذكرى استشهاد المناضل أمين التهاني إلا أن نشد على الأيادي المناضلة النظيفة ونسجل اعتزازنا بكافة شهداء الشعب المغربي.